كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ [25 \ 20] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [13 \ 38] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [12 \ 109] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ [21 \ 7 - 8] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ [14 \ 11] أَيْ بِالرِّسَالَةِ وَالْوَحْيِ وَلَوْ كَانَ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ. قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا [25 \ 42] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا. ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ، أَنْكَرُوا أَنَّ اللَّهَ خَصَّ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَلَمْ يُنْزِلْهُ عَلَى أَحَدٍ آخَرَ مِنْهُمْ، وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ، مَعَ الرَّدِّ عَلَى الْكُفَّارِ فِي إِنْكَارِهِمْ خُصُوصَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُمْ: وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [43 \ 31] يَعْنُونَ بِالْقَرْيَتَيْنِ مَكَّةَ وَالطَّائِفَ، وَبِالرَّجُلَيْنِ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ فِي مَكَّةَ، وَعُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فِي الطَّائِفِ زَاعِمِينَ أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِالنُّبُوَّةِ مِنْهُ.
وَقَدْ رَدَّ جَلَّ وَعَلَا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ [43 \ 32] لِأَنَّ الْهَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ: أَهُمْ يَقْسِمُونَ، لِلْإِنْكَارِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَعْنَى النَّفْيِ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [6 \ 124] .
وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ [6 \ 124] وَأَشَارَ إِلَى رَدِّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي آيَةِ ص هَذِهِ فِي قَوْلِهِ: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْآيَةَ [38 \ 8 - 10] .