وَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [2 \ 115] الْمُرَادُ بِهِ جِنْسُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَهُوَ صَادِقٌ بِكُلِّ مَشْرِقٍ مِنْ مَشَارِقِ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ، وَكُلُّ مَغْرِبٍ مِنْ مَغَارِبِهَا الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، مَا نَصُّهُ: وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ الَّذِي تُشْرِقُ مِنْهُ الشَّمْسُ كُلَّ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبُ الَّذِي تَغْرُبُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ.

فَتَأْوِيلُهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ: وَلِلَّهِ مَا بَيْنَ قُطْرَيِ الْمَشْرِقِ وَقُطْرَيِ الْمَغْرِبِ إِذَا كَانَ شُرُوقُ الشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْهُ لَا تَعُودُ لِشُرُوقِهَا مِنْهُ إِلَى الْحَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ غُرُوبُهَا، انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ.

وَقَوْلُهُ: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [55 \ 17] ، يَعْنِي مَشْرِقَ الشِّتَاءِ، وَمَشْرِقَ الصَّيْفِ وَمَغْرِبَهُمَا، كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: مَشْرِقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَغْرِبَهُمَا.

وَقَوْلُهُ: بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ أَيْ: مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَمَغَارِبِهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَمَغَارِبِهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ الْآيَةَ [37 \ 6] .

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا الْآيَةَ [6 \ 97] . وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ السَّبْعَةُ غَيْرُ عَاصِمٍ وَحَمْزَةُ، بِإِضَافَةِ زِينَةِ إِلَى الْكَوَاكِبِ، أَيْ: بِلَا تَنْوِينٍ فِي زِينَةِ مَعَ خَفْضِ الْبَاءِ فِي الْكَوَاكِبِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَحَفَصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِتَنْوِينِ زِينَةٍ، وَخَفْضِ الْكَوَاكِبِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ زِينَةٍ. وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبَ بِتَنْوِينِ زِينَةٍ، وَنَصْبِ الْكَوَاكِبِ، وَأَعْرَبَ أَبُو حَيَّانَ الْكَوَاكِبَ عَلَى قِرَاءَةِ النَّصْبِ إِعْرَابَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكَوَاكِبَ بَدَلٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ [37 \ 6] .

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِـ: زِينَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُنَكَّرٌ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا الْآيَةَ [90 \ 14 - 15] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015