3

تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ الْآيَةَ [42 \ 28] ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ إِرْسَالُ الرُّسُلِ، وَإِنْزَالُ الْكُتُبِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [28 \ 86] ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا الْآيَةَ [18 \ 65] .

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ [10 \ 107] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا الْآيَةَ [48 \ 11] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً الْآيَةَ [33 \ 17] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا بَعْضَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [6 \ 17] ، وَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ [35 \ 2] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا يُمْسِكْ شُرْطِيَّةٌ، وَفَتْحُ الشَّيْءِ التَّمْكِينُ مِنْهُ وَإِزَالَةُ الْحَوَاجِزِ دُونَهُ، وَالْإِمْسَاكُ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ. الِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ، إِنْكَارِيٌّ فَهُوَ مُضَمَّنٌ مَعْنَى النَّفْيِ.

وَالْمَعْنَى: لَا خَالِقَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، وَالْخَالِقُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لِهَذَا فِي سُورَةِ «الرَّعْدِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ [13 \ 16] . وَفِي سُورَةِ «الْفُرْقَانِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [25 \ 3] ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الرَّازِقُ وَحْدَهُ، وَأَنَّ الْخَلْقَ فِي غَايَةِ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ تَعَالَى.

وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ [67 \ 21] ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015