الْعَلَاءِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ، قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ الْبَيَاضِيُّ، قَالَ: كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَا يُصِيبُ غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنِ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتَابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ، فَظَاهَرْتُ مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَبَيْنَا هِيَ تَخْدِمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي، فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ. . . الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، فَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ رَقَبَةً، فَأَمَرَهُ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ، فَأَمَرَهُ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَذَكَرَ كَذَلِكَ، فَأَعْطَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ قَوْمِهِ بَنِي زُرَيْقٍ مِنَ التَّمْرِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَ وَسَقًا مِنْهَا سِتِّينَ مِسْكِينًا وَيَسْتَعِينُ بِالْبَاقِي، وَمَحِلُّ الشَّاهِدِ مِنَ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا مُؤَقَّتًا بِشَهْرِ رَمَضَانَ، وَجَامَعَ فِي نَفْسِ الشَّهْرِ الَّذِي جَعَلَهُ وَقْتًا لِظِهَارِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ الْمُؤَقَّتَ يَصِحُّ، وَيَلْزَمُ وَلَوْ كَانَ تَوْقِيتُهُ لَا يَصِحُّ لَبَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ يَتَأَبَّدُ وَيَسْقُطُ حُكْمُ التَّوْقِيتِ لَبَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; لِأَنَّ الْبَيَانَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي «جَامِعِهِ» : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ سَلْمَانَ بْنَ صَخْرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَحَدَ بَنِي بَيَاضَةَ، جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانَ. . . الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنْ سَاقَهُ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، يُقَالُ سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ، وَيُقَالُ: سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، اهـ.
وَهَذِهِ الطَّرِيقُ الَّتِي أَخْرَجَ بِهَا التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ الَّتِي أَخْرَجَهُ بِهَا، وَكِلْتَاهُمَا تُقَوِّي الْأُخْرَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِسْنَادَ التِّرْمِذِيِّ هَذَا لَا يَقِلُّ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمُبَارَكِ الْمَذْكُورَ فِيهِ كَانَ لَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ كِتَابَانِ أَحَدُهُمَا سَمَاعٌ، وَالْآخَرُ إِرْسَالٌ، وَأَنَّ حَدِيثَ الْكُوفِيِّينَ عَنْهُ فِيهِ شَيْءٌ لَا يَضُرُّ الْإِسْنَادَ الْمَذْكُورَ ; لِأَنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ فِيهِ وَهُوَ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ بَصْرِيٌّ لَا كُوفِيٌّ، وَلَمَّا سَاقَ الْمَجْدُ فِي «الْمُنْتَقَى» حَدِيثَ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْمَذْكُورَ، قَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي «نَيْلِ الْأَوْطَارِ» : وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْجَارُودِ، وَقَدْ أَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِالِانْقِطَاعِ، وَأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يُدْرِكْ سَلَمَةَ، وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، اهـ كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ.
وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْنَادَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ التِّرْمِذِيَّ لَيْسَ فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَلَا ابْنُ