قَوْلُهُ: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [2 \ 164] . وَقَوْلُهُ: وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ، قَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ اخْتِلَافَ أَلْوَانِ الْآدَمِيِّينَ وَاخْتِلَافَ أَلْوَانِ الْجِبَالِ، وَالثِّمَارِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْأَنْعَامِ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَاسْتِحْقَاقِهِ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ، قَالَ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ [35 \ 27 - 28] ، وَاخْتِلَافُ الْأَلْوَانِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَرَائِبِ صُنْعِهِ تَعَالَى وَعَجَائِبِهِ، وَمِنَ الْبَرَاهِينَ الْقَاطِعَةِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ جَلَّ وَعَلَا، وَأَنَّ إِسْنَادَ التَّأْثِيرِ لِلطَّبِيعَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ.
وَقَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى إِبْطَالَ تَأْثِيرِ الطَّبِيعَةِ غَايَةَ الْإِيضَاحِ فِي سُورَةِ «الرَّعْدِ» : وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ، إِلَى قَوْلِهِ: لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [13 \ 4] . وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ حَفْصٌ وَحْدَهُ عَنْ عَاصِمٍ: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ بِكَسْرِ اللَّامِ، جَمْعُ عَالِمٍ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْجَاهِلِ. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ: (لِلْعَالَمِينَ) بِفَتْحِ اللَّامِ ; كَقَوْلِهِ: رَبِّ الْعَالَمِينَ [1 \ 2] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ الْآيَةَ [17 \ 12] ، وَفِي سُورَةِ «الْفُرْقَانِ» ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا.
قَدْ قَدَّمْنَا مَا يُوَضِّحُهُ مِنَ الْآيَاتِ مَعَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: خَوْفًا وَطَمَعًا فِي سُورَةِ «الرَّعْدِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا الْآيَةَ [13 \ 12] ، وَسَنَحْذِفُ هُنَا بَعْضَ الْإِحَالَاثِ لِكَثْرَتِهَا.