13

الْأَوَّلُ: أَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ.

وَالثَّانِي: الْفَصْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفِعْلِ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ ضَمِّ التَّاءِ فَوَجْهُ تَجْرِيدِ الْفِعْلِ مِنَ التَّاءِ هُوَ كَوْنُ تَأْنِيثِ الْعَاقِبَةِ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ فَقَطْ.

وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ عِنْدِي أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ ضَمِّ التَّاءِ: كَانَتْ عَاقِبَةُ الْمُسِيئِينَ السُّوءَى، وَهِيَ تَأْنِيثُ الْأَسْوَءِ، بِمَعْنَى: الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ سُوءًى، أَيْ: كَانَتْ عَاقِبَتُهُمُ الْعُقُوبَةَ الَّتِي هِيَ أَسْوَأُ الْعُقُوبَاتِ، أَيْ: أَكْثَرُهَا سُوءًى وَهِيَ النَّارُ أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا.

وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ فَتْحِ التَّاءِ، فَالْمَعْنَى: كَانَتِ السُّوءَى عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا، وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَنْ كَذَّبُوا، أَيْ: كَانَتْ عَاقِبَتُهُمْ أَسْوَأَ الْعُقُوبَاتِ لِأَجْلِ أَنْ كَذَّبُوا.

وَهَذَا الْمَعْنَى تَدُلُّ عَلَيْهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تُوَضِّحُ أَنَّ الْكُفْرَ وَالتَّكْذِيبَ قَدْ يُؤَدِّي شُؤْمُهُ إِلَى شَقَاءِ صَاحِبِهِ، وَسُوءِ عَاقِبَتِهِ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [61 \ 5] ، وَقَوْلِهِ: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا [2 \ 10] ، وَقَوْلِهِ: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ [4 \ 155] .

وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى هَذَا فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا [17 \ 46] . وَفِي «الْأَعْرَافِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ [7 \ 101] ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ.

وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ مَنْصُوبٌ بِـ أَسَاءُوا، أَيِ: اقْتَرَفُوا الْجَرِيمَةَ السُّوءَى خِلَافُ الصَّوَابِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ أَنْ فِي قَوْلِهِ: أَنْ كَذَّبُوا تَفْسِيرِيَّةٌ، فَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ أَيْضًا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ.

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي «الْبَقَرَةِ» ، وَ «النَّحْلِ» ، وَ «الْحَجِّ» ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015