102

قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ.

مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يَخْتَصِمُونَ فِيهَا، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [38 \ 59 - 64] .

وَقَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَ هَذَا بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ [7 \ 38] وَفِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا الْآيَةَ [2 \ 166] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [6 \ 1] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ. قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ [2 \ 48] وَفِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا الْآيَةَ [7 \ 53] .

قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا: أَنَّ الْكُفَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَتَمَنَّوْنَ الرَّدَّ إِلَى الدُّنْيَا، لِأَنَّ (لَوْ) فِي قَوْلِهِ هُنَا: فَلَوْ أَنَّ لَنَا لِلتَّمَنِّي، وَالْكَرَّةُ هُنَا: الرَّجْعَةُ إِلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ إِنْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيَا كَانُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقِينَ لِلرُّسُلِ، فِيمَا جَاءَتْ بِهِ، وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

أَمَّا تَمَنِّيهِمُ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ [7 \ 53] . وَأَمَّا زَعْمُهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015