النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لِلطِّيبِ، وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ، كَالرَّيْحَانِ، وَالنَّرْجِسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي هَذَا النَّوْعِ لِلْحَنَابِلَةِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يُبَاحُ بِغَيْرِ فِدْيَةٍ كَالَّذِي قَبْلَهُ.

قَالَ فِي «الْمُغْنِي» : وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحُسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَإِسْحَاقُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ شَمُّهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

قَالَ فِي «الْمُغْنِي» : وَهُوَ قَوْلُ جَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ ; لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ لِلطِّيبِ فَأَشْبَهَ الْوَرْدَ. وَكَرِهَهُ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلَمْ يُوجِبُوا فِيهِ شَيْئًا، وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِهَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الرَّيْحَانِ: لَيْسَ مِنْ آلَةِ الْمُحْرِمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِدْيَتَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ، فَأَشْبَهَ الْعُصْفُرَ. انْتَهَى مِنَ «الْمُغْنِي» .

وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ عِنْدَهُمْ: هُوَ مَا يَنْبُتُ لِلطِّيبِ، وَيُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْيَاسَمِينِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذَا النَّوْعُ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ، وَشَمَّهُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ عِنْدَهُمْ ; لِأَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ فِي أَصْلِهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الْوَرْدِ: أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَمِّهِ ; لِأَنَّهُ زَهْرٌ كَزَهْرِ سَائِرِ الشَّجَرِ.

قَالَ فِي «الْمُغْنِي» : وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي هَذَا، وَالَّذِي قَبْلَهُ رِوَايَتَيْنِ، وَالْأَوْلَى تَحْرِيمُهُ ; لِأَنَّهُ يَنْبُتُ لِلطِّيبِ، وَيُتَّخَذُ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ الزَّعْفَرَانَ وَالْعَنْبَرَ. قَالَ الْقَاضِي: يُقَالُ: إِنَّ الْعَنْبَرَ ثَمَرُ شَجَرٍ وَكَذَلِكَ الْكَافُورُ. انْتَهَى مِنَ «الْمُغْنِي» .

وفي المغني أيضاً: وإن مس من الطيب ما يعلق بيده كالغالية، وماء الورد والمسك المسحوق الذي يعلق بأصابعه فعليه الفدية، لأنه مستعمل للطيب، وإن مس ما لا يعلق بيده كالمسك غير المسحوق، وقطع الكافور والعنبر، فلا فدية لأنه غير مستعمل للطيب، فإنه شمه فعليه الفدية لأنه يستعمل هكذا، وإن شم العود، فلا فدية عليه لأنه لا يتطيب به هكذا اهـ من المغني.

وَقَالَ فِي «الْمُغْنِي» أَيْضًا: فَكُلُّ مَا صُبِغَ بِزَعْفَرَانٍ، أَوْ وَرْسٍ، أَوْ غُمِسَ فِي مَاءِ وَرْدٍ، أَوْ بُخِّرَ بِعُودٍ، فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ وَلَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ، وَلَا النَّوْمُ عَلَيْهِ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ، فَأَشْبَهَ لُبْسَهُ، وَمَتَى لَبِسَهُ أَوِ اسْتَعْمَلَهُ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ رَطْبًا يَلِي بَدَنَهُ أَوْ يَابِسًا يُنْفَضُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَلَا ;

طور بواسطة نورين ميديا © 2015