طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنِي مَعْرُوفُ بْنُ مُشْكَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ قَالَتْ: أَخْبَرَتْنِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ اللَّاتِي أَدْرَكْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَ: دَخَلْنَا دَارَ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ فَاطَّلَعْنَا مِنْ بَابٍ مُقَطَّعٍ فَرَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَدُّ فِي الْمَسْعَى إِلَى آخِرِهِ.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَمَعْرُوفُ بْنُ مُشْكَانَ بَانِي كَعْبَةِ الرَّحْمَنِ صَدُوقٌ، لَا نَعْلَمُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَمَنْصُورٌ هَذَا ثِقَةٌ مُخَرَّجٌ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ تَمَلُّكَ الْعَبْدَرِيَّةِ ; فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ مِهْرَانَ بْنِ أَبِي عُمَرَ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ تَمَلُّكَ الْعَبْدَرِيَّةِ. قَالَتْ: نَظَرْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا فِي غُرْفَةٍ لِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ فَاسْعَوْا» انْتَهَى. تَفَرَّدَ بِهِ مِهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْأَوْدِيُّ، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ» ، انْتَهَى.
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اضْطِرَابًا كَثِيرًا. ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَنْ قَالَ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَيْصِنٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ: (النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ) : الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ: هُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُقَارِنٌ فِعْلَهُ، وَالْآخَرُ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لَا غَيْرَ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ نَحْوُ مَا رَوَتْهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تِجْرَاةَ، قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ يَسْعَى وَهُوَ يَقُولُ: «اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ» ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ قَوْلٍ. وَالْأَوَّلُ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَفِيهِ أَيْضًا إِخْبَارُهُ عَنِ اللَّهِ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَيْنَا، فَكَانَ أَوْلَى. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ بَرَّةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ قَالَتْ: لَمَّا انْتَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّعْيِ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ