وَأَمَّا مُرْسَلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ صَحِيحًا إِلَى الْحَسَنِ، فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ ; لِأَنَّ مَرَاسِيلَ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِهَا.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ: وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَرَاسِيلُ الْحَسَنِ فِيهَا ضَعْفٌ. وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ أَيْضًا: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ الْحَسَنُ جَامِعًا عَالِمًا رَفِيعًا فَقِيهًا ثِقَةً، مَأْمُونًا، عَابِدًا، نَاسِكًا، كَثِيرَ الْعِلْمِ، فَصِيحًا، جَمِيلًا، وَسِيمًا، وَكَانَ مَا أَسْنَدَ مِنْ حَدِيثِهِ وَرَوَى عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ، فَهُوَ حُجَّةٌ، وَمَا أَرْسَلَ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.

وَقَالَ صَاحِبُ تَدْرِيبِ الرَّاوِي فِي شَرْحِ تَقْرِيبِ النَّوَاوِيِّ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُرْسَلَاتُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَصَحُّ الْمُرْسَلَاتِ، وَمُرْسَلَاتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ لَا بَأْسَ بِهَا، وَلَيْسَ فِي الْمُرْسَلَاتِ أَضْعَفُ مِنْ مُرْسَلَاتِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ ; فَإِنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ. انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ: وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: مَرَاسِيلُ الْحَسَنِ عِنْدَهُمْ شِبْهُ الرِّيحِ، وَعَدَمُ الِاحْتِجَاجِ بِمَرَاسِيلِ الْحَسَنِ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: هِيَ صِحَاحٌ إِذَا رَوَاهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ: وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: مُرْسَلَاتُ الْحَسَنِ إِذَا رَوَاهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ صِحَاحٌ، مَا أَقَلَّ مَا يَسْقُطُ مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُلُّ شَيْءٍ يَقُولُ الْحَسَنُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَجَدْتُ لَهُ أَصْلًا ثَابِتًا مَا خَلَا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ. اهـ.

فَهَذَا هُوَ جُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ، بِحَسَبَ صِنَاعَةِ عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ، وَأَخْبَرَنِيهِ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» يَعْنِي قَوْلَهُ: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [3 \ 97] وَهَذَا الْإِسْنَادُ فِيهِ هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْعَاصِ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، وَمَحَلُّهُ الصِّدْقُ، مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: فِي حَدِيثِهِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَهْمٌ، وَقَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ: مَقْبُولٌ. اهـ.

وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي الْبُيُوعِ: وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: أَنْبَأَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015