بَاطِلًا. فَإِذَا كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، فَشُرِطَ خِلَافُ ذَلِكَ يَكُونُ شَرْطًا مُخَالِفًا لِحُكْمِ اللَّهِ. وَلَكِنْ أَيْنَ فِي هَذَا أَنَّ مَا سَكَتَ عَنْ تَحْرِيمِهِ مِنَ الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ يَكُونُ بَاطِلًا حَرَامًا، وَتَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ هُوَ تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّهُ، أَوْ إِبَاحَةُ مَا حَرَّمَهُ، أَوْ إِسْقَاطُ مَا أَوْجَبَهُ، لَا إِبَاحَةُ مَا سَكَتَ عَنْهُ، وَعَفَا عَنْهُ، بَلْ تَحْرِيمُهُ هُوَ نَفْسُ تَعَدِّي حُدُودِهِ. إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ دَلَالَةَ النُّصُوصِ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، إِلَّا أَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي ذَلِكَ تَفَاوُتًا كَثِيرًا. وَبَيَّنَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً مِمَّا فَهِمَ فِيهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ مِنَ النُّصُوصِ خِلَافَ الْمُرَادِ.
قَالَ: وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عُمَرَ فَهْمَهُ إِتْيَانَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ إِطْلَاقِ قَوْلِهِ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ» فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا اللَّفْظِ عَلَى تَعْيِينِ الْعَامِ الَّذِي يَأْتُونَهُ فِيهِ.
وَأَنْكَرَ عَلَى عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَهْمَهُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَبْيَضِ وَالْخَيْطِ الْأَسْوَدِ نَفْسَ الْعِقَالَيْنِ.
وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلَةٍ مِنْ كِبْرٍ» شُمُولَ لَفْظِهِ لِحَسَنِ الثَّوْبِ وَحَسَنِ النَّعْلِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ «بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» . وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» أَنَّهُ كَرَاهَةُ الْمَوْتِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ هَذَا لِلْكَافِرِ إِذَا احْتُضِرَ وَبُشِّرَ بِالْعَذَابِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكْرَهُ لِقَاءَ اللَّهِ، وَاللَّهُ يَكْرَهُ لِقَاءَهُ. وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا احْتُضِرَ وَبُشِّرَ بِكَرَامَةِ اللَّهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ.
وَأَنْكَرَ عَلَى عَائِشَةَ إِذْ فَهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [84 \ 8] مُعَارَضَتَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ» . وَبَيَّنَ لَهَا أَنَّ الْحِسَابَ الْيَسِيرَ هُوَ الْعَرْضُ، أَيْ: حِسَابُ الْعَرْضِ لَا حِسَابَ الْمُنَاقَشَةِ.
وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [4 \ 123] أَنَّ هَذَا الْجَزَاءَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْ عَمَلِ السُّوءِ. وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْجَزَاءَ قَدْ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا بِالْهَمِّ، وَالْحُزْنِ، وَالْمَرَضِ، وَالنَّصَبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَصَائِبِهَا، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ تَقْيِيدُ الْجَزَاءِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [6 \ 82] أَنَّهُ ظُلْمُ النَّفْسِ بِالْمَعَاصِي، وَبَيَّنَ أَنَّهُ الشِّرْكُ، وَذَكَرَ