وَقَدْ رُعِيَ اشْتِرَاطُهَا فِي الْمُخْتَصَرِ ... فِي التِّينِ وَحْدَهُ فَفِيهِ مَا حَظَرَ
وَرُعِيَ خَلْفٌ فِي الْجَرَادِ ... بَادٍ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي الْجَرَادِ
وَحَبَّةٌ بِحَبَّتَيْنِ تُحَرَّمُ ... إِذِ الرِّبَا قَلِيلُهُ مُحَرَّمُ
ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْخِلَافَ فِي رِبَوِيَّةِ الْبِيضِ بِقَوْلِي: [الرَّجَزِ]
وَقَوْلُ إِنَّ الْبَيْضَ مَا فِيهِ الرِّبَا ... إِلَى ابْنِ شَعْبَانَ الْإِمَامِ نُسِبَا
وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الْأَرْبَعَةِ الطَّعْمُ، فَكُلُّ مَطْعُومٍ يُحَرَّمُ فِيهِ عِنْدَهُ الرِّبَا كَالْأَقْوَاتِ، وَالْإِدَامِ، وَالْحَلَاوَاتِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَالْأَدْوِيَةِ. وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الطَّعْمُ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» الْحَدِيثَ. وَالطَّعَامُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُؤْكَلُ، قَالَ تَعَالَى: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْآيَةَ [3 \ 93] ، وَقَالَ تَعَالَى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا الْآيَةَ [80 \ 24 \ 28] ، وَقَالَ تَعَالَى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [5 \ 5] ، وَالْمُرَادُ: ذَبَائِحُهُمْ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَكَثْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةً مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، وَعَنْ أَبِي ذَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي قَصِّهِ إِسْلَامِهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟» قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، قَالَ: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ لَبِيَدٌ: [الْكَامِلِ]
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ ... غُبْسٌ كَوَاسِبُ لَا يُمَنُّ طَعَامُهَا
يَعْنِي بِطَعَامِهَا الْفَرِيسَةَ، قَالُوا: وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرِّبَا عَلَى اسْمِ الطَّعَامِ، وَالْحُكْمُ إِذَا عُلِّقَ عَلَى اسْمٍ مُشْتَقٍّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عِلَّتُهُ، كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ الْآيَةَ [5 \ 38] ، قَالُوا: وَلِأَنَّ الْحَبَّ مَا دَامَ مَطْعُومًا يَحْرُمُ فِيهِ الرِّبَا، فَإِذَا زُرِعَ وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَطْعُومًا لَمْ يُحَرَّمْ فِيهِ الرِّبَا، فَإِذَا انْعَقَدَ الْحَبُّ وَصَارَ مَطْعُومًا حَرُمَ فِيهِ الرِّبَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ كَوْنُهُ مَطْعُومًا، وَلِذَا كَانَ الْمَاءُ يَحْرُمُ فِيهِ الرِّبَا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي [2 \ 249]