100

مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ [21 \ 2] ، وَقَوْلِهِ: وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ [15 \ 6] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [38] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ الْآيَةَ [43 \ 44] وَقَوْلِهِ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [15 \ 9] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: ثُمَّ فِي تَسْمِيَةِ الْقُرْآنِ بِالذِّكْرِ وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

وَثَانِيهَا: أَنَّهُ يَذْكُرُ أَنْوَاعَ آلَاءِ اللَّهِ وَنَعْمَائِهِ تَعَالَى. فَفِيهِ التَّذْكِيرُ، وَالْمَوَاعِظُ.

وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ فِيهِ الذِّكْرُ، وَالشَّرَفُ لَكَ وَلِقَوْمِكَ عَلَى مَا قَالَ: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [43 \ 44] ،.

وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى كُلَّ كُتُبِهِ ذِكْرًا فَقَالَ: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ [21 \ 7] ، اهـ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الرَّازِيِّ.

وَيَدُلُّ لِلْوَجْهِ الثَّانِي فِي كَلَامِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:

كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [38 \ 29] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا. [20 \ 113] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا.

ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ هَذَا الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، أَيْ: صَدَّ وَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ، وَالْآدَابِ، وَالْمَكَارِمِ، وَلَمْ يَعْتَقِدْ مَا فِيهِ مِنَ الْعَقَائِدِ وَيَعْتَبِرُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقَصَصِ، وَالْأَمْثَالِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: يُرِيدُ بِالْوِزْرِ الْعُقُوبَةَ الثَّقِيلَةَ الْبَاهِظَةَ. سَمَّاهَا وِزْرًا تَشْبِيهًا فِي ثِقَلِهَا عَلَى الْمُعَاقَبِ وَصُعُوبَةِ احْتِمَالِهَا، بِالْحِمْلِ الَّذِي يَفْدَحُ الْحَامِلَ وَيَنْقُضُ ظَهْرَهُ، وَيُلْقِي عَلَيْهِ بِوِزْرِهِ. أَوْ لِأَنَّهَا جَزَاءُ الْوِزْرِ وَهُوَ الْإِثْمُ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: قَدْ دَلَّتْ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: عَلَى أَنَّ الْمُجْرِمِينَ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ. أَيْ: أَثْقَالَ ذُنُوبِهِمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ. كَقَوْلِهِ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015