52

الْإِضْلَالِ. وَقَوْلُهُ «عَضُدًا» أَيْ: أَعْوَانًا.

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الضَّالِّينَ الْمُضِلِّينَ لَا تَنْبَغِي الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ الْأَلْفَاظِ لَا بِخُصُوصِ الْأَسْبَابِ.

وَالْمَعْنَى الْمَذْكُورُ أُشِيرَ لَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ [28 \ 17] ، وَالظَّهِيرُ: الْمُعِينُ، وَالْمُضِلُّونَ: الَّذِينَ يُضِلُّونَ أَتْبَاعَهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَعْنَى الضَّلَالِ وَإِطْلَاقَاتِهِ فِي الْقُرْآنِ بِشَوَاهِدِهِ الْعَرَبِيَّةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا.

أَيْ: وَاذْكُرْ يَوْمَ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُشْرِكُونَ مَعَهُ الْآلِهَةَ وَالْأَنْدَادَ مِنَ الْأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَعْبُودَاتِ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَوْبِيخًا لَهُمْ وَتَقْرِيعًا: نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مَعِي، فَالْمَفْعُولَانِ مَحْذُوفَانِ: أَيْ: زَعَمْتُمُوهُمْ شُرَكَاءَ لِي كَذِبًا وَافْتِرَاءً. أَيِ: ادْعُوهُمْ وَاسْتَغِيثُوا بِهِمْ لِيَنْصُرُوكُمْ وَيَمْنَعُوكُمْ مِنْ عَذَابِي، فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ، أَيْ: فَاسْتَغَاثُوا بِهِمْ فَلَمْ يُغِيثُوهُمْ. وَمَا ذَكَرَهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: مِنْ عَدَمِ اسْتِجَابَتِهِمْ لَهُمْ إِذَا دَعَوْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ «الْقَصَصِ» : وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ [28 \ 62 - 64] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [35 \ 13 - 14] ، وَقَوْلِهِ: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [46 \ 5] ، وَقَوْلِهِ: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [19 \ 81] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [6 \ 94] ، وَالْآيَاتُ فِي تَبَرُّئِهِمْ مِنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَدَمِ اسْتِجَابَتِهِمْ لَهُمْ كَثِيرَةٌ جِدًّا. وَخُطْبَةُ الشَّيْطَانِ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ «إِبْرَاهِيمَ» فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015