43

أَنَا سَيْفُ الْعَشِيرَةِ فَاعْرِفُونِي ... حَمِيدًا قَدْ تَذَرَّيْتُ السَّنَامَا

وَقَوْلُ الْأَعْشَى:

فَكَيْفَ أَنَا وَانْتِحَالُ الْقَوَافِي ... بَعْدَ الْمَشِيبِ كَفَى ذَاكَ عَارًا

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَهُوَ يُحَاوِرُهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَالْمُحَاوَرَةُ: الْمُرَاجَعَةُ فِي الْكَلَامِ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [58 \ 1] ، وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ فِي مُعَلَّقَتِهِ:

لَوْ كَانَ يَدْرِي مَا الْمُحَاوَرَةُ اشْتَكَى ... وَلَكَانَ لَوْ عَلِمَ الْجَوَابَ مُكَلِّمِي

وَكَلَامُ الْمُفَسِّرِينَ فِي الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا فِي قِصَّتِهِمَا كَبَيَانِ أَسْمَائِهِمَا، وَمِنْ أَيِّ النَّاسِ هُمَا أَعْرَضْنَا عَنْهُ لِمَا ذَكَرْنَا سَابِقًا مِنْ عَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ، وَعَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُقْنِعِ عَلَيْهِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا.

مَعْنَى قَوْلِهِ: «غَوْرًا» أَيْ: غَائِرًا ; فَهُوَ مِنَ الْوَصْفِ بِالْمَصْدَرِ ; كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَنَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيرًا فَالْتَزَمُوا الْإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَا وَالْغَائِرُ: ضِدُّ النَّابِعِ، وَقَوْلُهُ: فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا [18 \ 41] ; لِأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَعْدَمَ مَاءَهَا بَعْدَ وُجُودِهِ، لَا تَجِدُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَكَ بِهِ غَيْرَهُ جَلَّ وَعَلَا. وَأَشَارَ إِلَى نَحْوِ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ [67 \ 30] ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَوَابَ الصَّحِيحَ: لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَنَا بِهِ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ ; كَمَا قَالَ هُنَا: فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا [18 \ 41] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبَا.

اعْلَمْ أَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: قِرَاءَاتٌ سَبْعِيَّةٌ، وَأَقْوَالًا لِعُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ، بَعْضُهَا يَشْهَدُ لَهُ قُرْآنٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ أَنَّ الْآيَةَ قَدْ تَكُونُ فِيهَا مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ، يَشْهَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا قُرْآنٌ، فَنَذْكُرُ الْجَمِيعَ وَأَدِلَّتَهُ فِي الْقُرْآنِ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ [18 \ 43] ، قَرَأَهُ السَّبْعَةُ مَا عَدَا حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيَّ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ، وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِئَةٌ» بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، وَقَوْلَهُ: الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ [18 \ 44] ، قَرَأَهُ السَّبْعَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015