14

لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا الْآيَةَ [29 \ 69] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا الْآيَةَ [8 \ 29] ، وَقَوْلِهِ: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [9 \ 124] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ الْآيَةَ [48 \ 4] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ الْآيَةَ [57 \ 28] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَهَذِهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ، مَفْهُومٌ مِنْهَا أَنَّهُ يَنْقُصُ أَيْضًا، كَمَا اسْتَدَلَّ بِهَا الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً صَرِيحَةً لَا شَكَّ فِيهَا، فَلَا وَجْهَ مَعَهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنَقْصِهِ كَمَا تَرَى، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا.

أَيْ ثَبَّتْنَا قُلُوبَهُمْ وَقَوَّيْنَاهَا عَلَى الصَّبْرِ، حَتَّى لَا يَجْزَعُوا وَلَا يَخَافُوا مِنْ أَنْ يَصْدَعُوا بِالْحَقِّ، وَيَصْبِرُوا عَلَى فِرَاقِ الْأَهْلِ وَالنَّعِيمِ، وَالْفِرَارِ بِالدِّينِ فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ لَا أَنِيسَ بِهِ، وَلَا مَاءَ وَلَا طَعَامَ.

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ مَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا أَنَّهُ تَعَالَى يُقَوِّي قَلْبَهُ، وَيُثَبِّتُهُ عَلَى تَحَمُّلِ الشَّدَائِدِ، وَالصَّبْرِ الْجَمِيلِ.

وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى إِلَى وَقَائِعَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مُخَاطِبًا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ [8 \ 11 - 12] ، وَكَقَوْلِهِ فِي أُمِّ مُوسَى: وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [28 \ 10] .

وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: إِذْ قَامُوا أَيْ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ بِلَادِهِمْ، وَهُوَ مَلِكٌ جَبَّارٌ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، يَزْعُمُونَ أَنَّ اسْمَهُ: دِقْيَانُوسُ.

وَقِصَّتُهُمْ مَذْكُورَةٌ فِي جَمِيعِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ، أَعْرَضْنَا عَنْهَا لِأَنَّهَا إِسْرَائِيلِيَّاتٌ. وَفِي قِيَامِهِمُ الْمَذْكُورِ هُنَا أَقْوَالٌ أُخَرُ كَثِيرَةٌ، وَالْعَامِلُ فِي قَوْلِهِ: «إِذْ» هُوَ «رَبَطْنَا» عَلَى قُلُوبِهِمْ حِينَ قَامُوا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015