الْأَوَّلُ: الدِّينُ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [2 \ 193] ، وَفِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ: وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الْآيَةَ 39] ، وَقَالَ تَعَالَى: تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ [48 \ 16] ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» الْحَدِيثَ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الدِّينِ.

وَالثَّانِي: النَّفْسُ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ دَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ عَنِ الْأَنْفُسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الْآيَةَ [2 \ 179] ، وَقَالَ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْآيَةَ [2 \ 178] ، وَقَالَ: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا الْآيَةَ [17 \ 33] .

الثَّالِثُ: الْعَقْلُ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ - إِلَى قَوْلِهِ - فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [5 \ 90، 91] ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَقَالَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ، كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ مُسْتَوْفًى «فِي سُورَةِ النَّحْلِ» ، وَلِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعَقْلِ أَوْجَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ الشَّارِبِ دَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ عَنِ الْعَقْلِ.

الرَّابِعُ: النَّسَبُ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الزِّنَى وَأَوْجَبَ فِيهِ الْحَدَّ الرَّادِعَ، وَأَوْجَبَ الْعِدَّةَ عَلَى النِّسَاءِ عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، لِئَلَّا يَخْتَلِطَ مَاءُ رَجُلٍ بِمَاءٍ آخَرَ فِي رَحِمِ امْرَأَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى الْأَنْسَابِ ; قَالَ تَعَالَى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [17 \ 32] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَقَالَ تَعَالَى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ الْآيَةَ [24 \ 2] ، وَقَدْ قَدَّمْنَا آيَةَ الرَّجْمِ وَالْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةُ التِّلَاوَةِ بَاقِيَةُ الْحُكْمِ، وَقَالَ تَعَالَى فِي إِيجَابِ الْعِدَّةِ حِفْظًا لِلْأَنْسَابِ: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ الْآيَةَ [2 \ 228] ، وَقَالَ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [2 \ 234] وَإِنْ كَانَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِيهَا شِبْهَ تَعَبُّدٍ لِوُجُوبِهَا مَعَ عَدَمِ الْخَلْوَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

وَلِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى النِّسَبِ مَنَعَ سَقْيَ زَرْعِ الرَّجُلِ بِمَاءِ غَيْرِهِ ; فَمَنَعَ نِكَاحَ الْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ، قَالَ تَعَالَى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [65 \ 4] .

الْخَامِسُ: الْعِرْضُ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، فَنَهَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015