فلهذا لا يستدل بالفرع على الأصل. وفي هذا يقول عبد الجبار المعتزلي في تعليله الاستدلال بالعقل دون الشرع في معرفة الله: "إن معرفة الله تعالى لا تنال إلا بحجة العقل فلأن ما عداها فرع على معرفة الله تعالى بتوحيده وعدله، فلو استدللنا بشيء منها على الله والحال هذه، كنا مستدلين بفرع الشيء على أصله وذلك لا يجوز". 1
وكذلك قال الرازي بعد أن أوهم نفسه أنه يوجد تعارض بين العقل والنقل فجعل للخروج من هذا الإشكال أن يعتقد أن النص الشرعي غير صحيح أو يعتقد أن معناه غير صحيح وعلل ذلك بأن العقل هو الذي دلنا على صحة الشرع فبالتالي لا يمكن أن نقدم الشرع على العقل، لأن الشرع عنده صار بذلك فرعاً والعقل أصلاً".2
الرد عليهم:
لا شك أن المتكلمين قد اضطربت أفهامهم وفسد حسهم الديني، حتى زعموا أن العقل 3 مقدم على الشرع بدون أن يكون لهم أدنى دليل شرعي أو عقلي صحيح سوى الدعوى بأن العقل أصل والشرع فرع. وفساد هذه الدعاوي وبطلانها ظاهر من أوجه عدة:
أولاً – الرد عليهم في دعواهم أن العقل أصل والشرع فرع:
1 - نسأل المتكلمين: ما هو العقل الذي يجعلونه مقدماً على الشرع؛ هل هو عقل الفلاسفة اليونانيين الوثنيين أم عقول الجهمية، أم عقول المعتزلة أم عقول