الشبهة الثانية:
قال الملحد: "الدليل الثاني أن كيفية جمع القرآن وتأليفه مستلزمة عادة لوقوع التغيير والتحريف فيه، وقد أشار إلى ذلك العلامة المجلسي في مرآة العقول، حيث قال: والعقل يحكم بأنه إذا كان القرآن متفرقاً منتشراً عند الناس وتصدى غير المعصوم لجمعه يمتنع أن يكون جمعه كاملاً موافقاً للواقع" (?) .
والجواب: إن هذه الشبهة مبنية على العقلية الإمامية التي تحتم على جميع الأمة إذا أجمعت الخطأ، وتجعل رأي واحد منها (ليس بنبي) هو الصواب، كما يلحظ ذلك في قوله: "وتصدى غير المعصوم لجمعه". وهو رأي منقوض وباطل كما أسلفنا في الحديث عن العصمة، وما بني على باطل فهو باطل.
وصياغته لهذه الشبهة تدل على أن كثيراً من شيوخ الإمامية قوم بُهْتٌ يكذبون بالحقائق الواضحات ويصدقون بالأكاذيب والخرافات. فجمع القرآن جاء على أدق الطرق وأوثقها ضبطًا وإتقاناً، فكتبة الوحي يكتبون، والحفظة يحفظون، والأمة بأكملها تردد آيات القرآن في صلواتها وحلقاتها، كلما نزل شيء من القرآن هبوا لحفظه وكتابته وتعلمه والعمل به، فالممتنع هو أن يزاد في القرآن حرف أو ينقص منه حرف آخر، ولذا أجمعت الأمة على ذلك والإجماع معصوم.
فلنحكّم عقولنا؛ ما جاءت هذه الدعوى إلا من طائفة الاثني عشرية من بين فرق الشيعة كلها، وهي تتحدث عن قرآن جمعه عليّ هو الكامل في نظرها وترفض ما أجمع عليه المسلمون.. فأيهما نصدق أبالقرآن أم بكتاب غائب لم ير ولم يعرف، معلق خروجه على منتظر موهوم.. تولى جمعه - باعترافهم - فرد واحد..؟
أخرج لنا الشيعة منه آيات يستحيل أن تكون من كلام رب العزة جل علاه لسقوطها عن أداء الإنسان العادي، فكيف بكلام رب العالمين المعجز؟