والتقية في الإسلام غالبًا إنما هي مع الكفار، قال تعالى: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} (?) . قال ابن جرير الطبري: "التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم" (?) .
ولهذا يرى بعض السلف أنه لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام، قال معاذ بن جبل، ومجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أيتقوا منهم تقاة (?) .
ولكن تقية الشيعة هي مع المسلمين ولاسيما أهل السنة حتى إنهم يرون عصر القرون المفضلة عهد تقية كما قرره شيخهم المفيد (?) ، وكما تلحظ ذلك في نصوصهم التي ينسبونها للأئمة؛ لأنهم يرون أهل السنة أشد كفرًا من اليهود والنصارى؛ لأن منكر إمامة الاثني عشر أشد من منكر النبوة (?) .
والتقية رخصة في حالة الاضطرار، ولذلك استثناها الله - سبحانه - من مبدأ النهي عن موالاة الكفار فقال - سبحانه -: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ} (?) .
فنهى الله - سبحانه - عن موالاة الكفار، وتوعد على ذلك أبلغ الوعيد فقال: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ} أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله، ثم قال - سبحانه -: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} أي: إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته (?) .