وتدل عبارة الفرّاء "وهذا مما كان يقوله نحويوا أهل الحجاز" على أمور، منها: قِدَم هؤلاء النحاة، وأنهم جماعة، وأنهم يتفقون في المذهب النحويّ.

وذكر ابن يعيش1 أن الأخفش أنشد هذا الشاهد، وقيل: إنه زاده في حواشي الكتاب لسيبويه فأدخله الناسخ في بعض النسخ حتى شرحه الأعلم2، فهل أخذه الأخفش من كتاب أحد هؤلاء المدنيين، وهو عليّ الجمل، كما أخذ عنه: الزيت رطلان بدرهم؟ إن صح ذلك.

وذكر ابن يعيش - أيضاً - أن "ابن كيسان قد نقل عن بعض النحويين أنه يجوز أن نفرق بين المضاف والمضاف إليه إذا جاز أن يسكت عن الأول منهما"3 فمن هؤلاء النحاة، هل هم المدنيون أم الكوفيون؟ ليس في المصادر التي بين أيدينا ما يعين على الإِجابة عن هذا السؤال.

وقد احتج بعض الكوفيين - فيما بعد - بهذا البيت وجعلوه من شواهدهم في جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه، فيما أورده أبو البركات الأنباريّ في مسائل الخلاف4 على الرغم من اعتراض الفراء على هذا الشاهد.

ويبدو أن البغدادي أراد أن ينتصر للبصريين بالطعن في قائل هذا البيت فعزاه "لبعض المدنيين المولدين، فلا يكون فيه حجة"5.

وبالعودة إلى عبارتي الفراء التي قال فيها: "ونحويوا أهل المدينة ينشدون ... "، و"وهذا مما كان يقوله نحويوا أهل الحجاز" يتبين - كما أسلفنا - قدم هؤلاء النحاة، وإجماعهم على هذا الشاهد، وشهرته عندهم، ويمكن أن يستنبط من عبارة الفراء "وهذا مما كان يقوله.." التي قالها في أواخر القرن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015