ثم يقول القفطي: "وأهل مصر قاطبة يرون بعد النَّقل والتَّصحيح أنَّ أوَّل من وضع النَّحو عليّ بن أبى طالب - كرَّم الله وجهه - وأخذ عنه أبو الأسود الدُؤلي"1.

وساق الأنباري جملة من الرِّوايات، وفيها ما يعزو النَّحو إلى أبي الأسود أو عبد الرًّحمنِ بن هرمز أو نصر بن عاصم، ثم ختمها برأيه الخاص، فقال: "والصَّحيح أنَ أوّل من وضع النَّحو عليّ بن أبى طالب - رضي الله عنه - لأنَّ الرِّوايات كلها2 تسند إلى أبي الأسود، وأبو الأسود يسنده إلى عليّ"3.

وتفصّل بعض الروايات في طبيعة النحو الذي وضعه الإمام عليّ، وتذكر الأبواب التي وضعها، ولا يخفى ما في ذلك من أثر التزيد والمبالغات، وإن كان له دلالته - أيضا - وهو شبه الإجماع على أن لعليّ - رضي الله عنه - نصيباً في ظهور النَّحو.

يقول السيوطي فيما رواه عن أبي الأسود أنّه قال: "دخلت على أمير المؤمنين علىّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - رأيته مطرقاً متفكراً، فقلت: فبم تفكّر يا أمير المؤمنين؟ قال: إنّي سمعت ببلدكم هذا لحناً، فأردت أن أصنع كتاباً في أصول العربيَّة. فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا وبقَّيت فينا هذه الُّلغة، ثم أتيته بعد ثلاث، فألقى إليّ صحيفة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم. الكلام كله: اسم وفعل وحرف. فالاسم: ما أنبأ عن المسمَّى، والفعل: ما أنبأ عن حركة المسمَّى، والحرف: ما أنبأ عن معنىً ليس باسم ولا فعل، ثم قال لي: تتبعه، وزد فيه ما وقع لك، واعلم يا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة: ظاهر، ومضمر، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر، وإنما تتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015