الصوفية إن كانوا أولياء لله حقًّا؟! ثم إن الله أمرنا أن نُنكِرَ المُنْكَرَ، في حين أنه لم يُؤتِنَا عِلْمَ الغيب الذي يمكن معه معرفة حقيقة مراد الشيخ الصوفي بالمنكر الذي يزعم أنه يبدو منكرًا في ظاهره.
فترك المُنْكَرِ بحجة ما حصل بين موسى والخَضِرِ لا حجة فيه، بل الحجة كل الحجة في الإنكار على من خالف شرع الله في شيء ما؛ لأن الوعيد الوارد في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثير من الآيات والأحاديث، وقد لُعِنَ بنو إسرائيل بسبب تركهم هذا الأصلَ العظيمَ من أصول الدين، والذي به يُحْفَظُ الدين من فساد المفسدين، وضلال المُضِلِّينَ، وبِدَع المُبْتَدِعِينَ، الذين يأخذون ما تشابه من قصة موسى والخَضِرِ -عليهما السلام-، ويتركون المُحْكَمَ من الآيات والأحاديث الدالَّة على حِلِّ الطيبات، وتحريم الخبائث.
وعلامة ضلالهم أنهم لا يَحُثُّونَ الناس على العمل بهذا الأصل، ولا يُذَكِّرُونَهُمْ بقوله -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110].
وإنما يُحَذِّرُونَهُم من الإنكار؛ مُسْتَدِلِّينَ بقصة موسى والخَضِر التي لا تشهد إلا ضدهم، وبالحديث القدسي: "مَنْ عَادَى لي وَليًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَربِ"، ولكن الحديث لم يَعْنِهِمْ بذلك؛ لأن أولياء الله ليسوا مُخَرِّفَةً ولا مُبْتَدِعَةً، فلا يرقصون عند السماع، ولا يجعلون دعاءهم للَّه مُكَاءً وتصديةً، ولا ينشرون الوثنية والدَّجلَ بين العوامِّ.
الوَجْه الثَّامِن: أن فَهْمَ المتصوفة للقصة فَهم شاذٌّ، وتأسيهم بها شَاذٌّ -أيضًا-؛ فالصحابة، والتابعون، وتابعو التابعين، لم يفهموا منها هذا الفَهْمَ، ولم يبنوا عليها منهجًا يُرتِّب على أساسها العلاقةَ بين المريد والشيخ، ولا يُعْقَلُ أن يكون المتصوفة قد انفتح عليهم من فَهْمِ هذه الآية، وأُخْفِيَ على أولئك الأفاضل الذين لم يُقَلِّدْ أحد منهم- ولا أفاضل الأئمة -فيما بينهم- ما حَدَثَ بين