"اعلم أن العلماء اختلفوا في الْخَضِرِ: هل هو حي إلى الآن، أو هو غير حي، بل ممن مات فيما مضى من الزمان؟ فذهب كثير من أهل العلم إلى أنه حي، وأنه شَرِبَ من عين تُسَمَّى عين الحياة، وممن نصر القول بحياته القرطبي في "تفسيره"، والنووي في "شرح مسلم" وغيره، وابن الصلاح، والنقَّاش، وغيرهم (?)، قال ابن عطية: وأطنب النَّقَّاش في هذا المعنى، يعني حياة الخَضِرِ وبقائه إلى يوم القيامة، وذكر في كتابه أشياء كثيرة عن علي بن أبي طالب وغيره، وكلها لا تقوم على ساق. انتهى بواسطة نقل القرطبي في "تفسيره" (?).
وحكايات الصالحين عن الْخَضِرِ أكثر من أن تُحصر، ودعواهم أنه يحج هو وإلياس كل سنة، ويروون عنهما بعض الأدعية؛ كل ذلك معروف، ومستند القائلين بذلك ضعيف جدًّا؛ لأن غالبه حكاياتٌ عن بعض من يُظَنُّ به الصلاح، ومناماتٌ، وأحاديثُ مرفوعةٌ عن أنس وغيره، وكلها ضعيف لا تقوم به حجة.
ومن أقواها عند القائلين به -آثار التعزية حين تُوفيِّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ذكر ابن عبد البر في "تمهيده" عن علي -رضي اللَّه عنه- قال: