وكان إذا تبين له من ذلك أشياء خلاف ما وقع له فيرجع إلى السنَّة.
وكان أبو بكر يبين له أشياء خفيت عليه، فيرجع إلى بيانه، وإرشاده؛ كما جرى يوم الحديبية، ويوم مات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويوم ناظره في مانعي الزكاة، وغير ذلك، وكانت امرأة ترُدُّ عليه، وتذكر الحجة من القرآن، فيرجع إليها؛ كما جرى في مُهور النساء، ومثل ذلك كثير (?).
ومن الأمور التي بينها له أبو بكر - رضي الله عنه - وردَّه فيها إلى الصواب:
أمر موت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حيث قام عمر يقول: "والله، ما مات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وكان يقول بعدها: "واللَّه ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه اللَّه، فيقطعن أيدي رجال، وأرجلهم"، فجاء أبو بكر فكشف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقبَّله، وقال: "بأبي أنت وأمي، طِبْتَ حيًّا وميِّتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك اللَّه الموتتين أبدًا"، ثم خرج، فقال: "أيها الحالفُ، على رِسْلِكَ"، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر: فحمِد اللهَ أبو بكر، وأثنى عليه، وقال: "ألَا من كان يعبد محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد اللَّه، فإن الله حي لا يموت، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} " (?) [آل عمران: 144].
وكذلك في قصة الحديبية عندما صالح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قريشًا، وثبت عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر، فقال: "يا أبا بكر، أليس رسولَ الله؟ " قال: بلى، قال: "أولسنا بالمسلمين؟ " قال: بلى، قال: "أوليسوا بالمشركين؟ " قال: بلى، قال: "فعلام نعطي الدَّنيَّةَ في ديننا؟ "
قال أبو بكر: "يا عمر، الزم غَرْزَه؛ فإني أشهد أنه رسولُ الله"، قال عمر: