تأويل، وقد تكون أمثالًا مضروبة، وأحداثًا مسبوكة، تحتاج إلي علم وتقدير، وفهم ثاقب، ونظر بعيد، وما كل من رُزِقَ علمًا رُزِقَ فَهْمًا بتأويل الأحلام والرؤى.
وهذا النوع من الرؤى هو البقية الباقية من حقيقة النبوة، فالوحي قد انقطع، والنبوة قد خُتِمَتْ، ولم يَبْقَ إلا هذه الرؤى، وهي المبشرات، يَقُولُ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا المُبَشّرَاتُ"، قَالُوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: "الرُّويَا الصَّالِحةُ" رواه البخاري (?).
وزاد مالك برواية عطاء بن يسار: "يَرَاهَا الرَّجُلُ المُسْلِمُ، أوْ تُرَى لَهُ".
وعن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرُّويَا الصَّالحِةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ" متفق عليه (?).
وإذا كانت الرؤيا من الرسول والأنبياء فهي حق لا تُكذَّبُ، بل هي وحي إلهي، وقد بادر خليل الرحمن إبراهيم إلى ذبح ولده عندما رأي في المنام أنه يذبحه، وما ذلك إلا لأن رؤياه وحي.
وغير الأنبياء تقع له الرؤيا الحق، وتكون دلائل الصدق عليها بينة، إلا أننا لا نستطيع أن نجزم بأنها رؤيا حق إلا إذا تحققت على النحو الذي رآه صاحبه في منامه.
* * *