والصدقة برهان، والصبر ضياء" (?).
وفي حديث الوَلاية: "ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصِر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه الذي يمشي بها" (?).
وقد رُوي عن أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "اقربوا من أفواه المطيعين، واسمعوا منهم ما يقولون، فإنهم تتجلى لهم أمور صادقة"، ورُوي عن حذيفة -رضي الله عنه- أنه قال: "إن في قلب المؤمن سِراجًا يُزْهِر".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الدجال مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن قارئ وغير قارئ" (?).
وكلما قوي الإيمان في القلب، قوي انكشاف الأمور له، وعرف حقائقها من باطلها، وكلما ضعف الإيمان ضعف الكشف، وذلك مثل السراج القوي، والسراج الضعيف في البيت المظلم؛ ولهذا قال بعض السلف في قوله -تعالى-: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} [النور: 35]: هو المؤمن ينطق بالحكمة المطابقة للحق، وإن لم يسمع فيها بالأثر؛ فإذا سمع فيها بالأثر، كان نورًا على نور.
وقد لاحظ العلماء على مر الأزمان معنى أن للتقوى والمجاهدة أثرًا في تنوير العقل، وهداية القلب، والتوفيق إلى إصابة الحق في الأقوال، والسَّداد في الأعمال، فسموا مصنفاتهم بأسماء تعبر عن هذا مثل: "فتح الباري"، و"فتح القدير"، و"فتح العزيز"، و"فتح الملك العلام"، و"فيض القدير"، و"فيض الباري"، ونحو ذلك، وصدق الشاعر إذ يقول:
إنارةُ العقلِ مكسوفٌ بطوعِ الهوى ... وعقلُ عاصي الهوى يزدادُ تنويرا