ولقد رصد "المازَري" المتوفى سنة (536 هـ)، أقوال من سبقوا "فرويد" إلى شبيه هذا الكلام من معاصريه، فقال -رحمه الله تعالى-:
"كثُر كلام الناس في حقيقة الرؤيا، وقال فيها غير الإسلاميين أقاويل كثيرة منكرة، لأنهم حاولوا الوقوف على حقائق لا تُدْرَك بالعقل، ولا يقوم عليها برهان، وهم لا يصدقون بالسمع، فاضطربت أقوالهم" (?). اهـ.
إن قطع النفس عن عالم الروح وعن الغيب؛ وعن الصلة بخالقها -عز وجل- يُضَيِّق الرؤية أمامنا في موضوع الرؤية، ويحرمنا فرصة الفهم العميق، والإدراك الصحيح الدقيق (?).
"وكثيرٌ من الناس اليوم يُبَادِرُونَ بالتكذيب بالرؤى والأحلام، ويزعمون أن الرؤى المنامية ليست إلا انعكاسات لما يَجُولُ في فكر الإنسان في حال يقظته، وما يُخْتَزَنُ في فكره الباطن، فإذا ما استسلم للرقاد، وطاف في أودية الكرى، فإن عقله الباطن يعمل، فيحقق المرء في نومه ما لم يَسْتَطِعْ تحقيقه في عالم اليقظة.
ونحن لا نُنْكِرُ أن قِسْمًا كبيرًا من الرؤى ليس إلا انعكاسات لأحاديث النفس وخواطرها التي تمر بها في اليقظة، ولكننا نرفض رفضًا قاطعًا أن تكون جميع الرؤى كذلك، ونقول: إن هذا تَحكُّمٌ يَعْلَمُ كَذِبَهُ كلُّ من تفكر في رؤاه التي مرت به، أو التي سمع الناس يروونها، ويُحَدِّثُونَ بها عن أنفسهم، كيف بالله نُفَسِّرُ رؤيا امرأة رأت وليدها يسقط من سطح منزل، وفي الصباح يخرج فلا يعود؛ لأن سيارة داهمته، وأودت بحياته؟!
وكيف نُفَسِّرُ رؤيا رجل يري نفسه وقد سافر إلى بلد، وسكن منزلًا معينًا رأي