قال -رحمه الله تعالى-: "ولما علم حُذَّاقهم أن دينهم ليس له قاعدة تُبنى عليه، ولا أصل يُرجع إليه، جمعوا عقول العامة، بتخييلات موهمة، وأباطيل مزخرفة، وضعوها في الكنائس والمزارات (?).
فمن ذلك أنهم وضعوا صورًا من الحجارة، إذا قُرئ أمامها الإنجيل تبكي، وتجري دموعها، يشاهدها الخاص والعام، فيعتقدون أن ذلك لما علمته من أمر الإنجيل، ويكون لها مجاري رقاق في أجوافها من ورائها متصلة بزق ممتلئة من الماء، يعصره بعض الشمامسة، فيفر الماء في المجاري، ويتصل بعيون الأصنام، وكذلك يصنعون أصنامًا يخرج اللبن من ثديها عند قراءة الإنجيل، وذلك بصقلية وغيرها.
ومن ذلك الأصنام من حديد وقناديل وصلبان عظام معلقة بين السماء والأرض، فلا يمسك شيء منها، ولا يمسها شيء، ويقولون: "إن ذلك سبب بركة ذلك المكان، وإنه برهان على عظمة الدين، فإن ذلك لم يوجد لغيرهم من الملل"، ويكون سبب ذلك حجارة من مغناطيس عُمِلت في ست جهات فوق الصنم، وتحته، ويمينه، ويساره، وخلفه، وأمامه، فيجذبه كل حَجَرٍ إلى جهته، وليس البعض أولى من البعض، فيقع التمانع، فيقف الحديد في الوسط، ولذلك لما دخل إليه بعضُ رسل المسلمين أمر بهدم ما حوله من البنيان فسقط، وذلك بقسطنطينية، كرسي مملكتهم، ومجتمع عظمائهم، وعقلائهم، وهذا حالهم.