الفصل الأول سُلطَانُ المَنَامَاتِ
كان "الحُلْم" -ولا يزال- من التجارب الإنسانية التي حَظِيَتْ باهتمامٍ بليغٍ في حياة البشر؛ إذ للحلم آثارُهُ وانطباعاتُهُ في نفس الحالم؛ فقد تلقى صديقًا أو قريبًا فتراه حزينًا كئيبًا، فتسبر غَوْر نفسه؛ لتعرف سرَّ كآبته وحزنه، فتعجب أشد العجب عندما تعلم أن سبب ذلك رؤيا مرعبة، أو منذرة بخطرٍ سيُدَاهِمُهُ، وقد تجده فرِحًا منشرح الصدر، بَاسِمَ الثغر، وما ذلك إلا لأنه رأى رؤيا مفرحة، أو مُبَشِّرَةً بحدث سارٍّ قادم.
يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر -حفظه اللَّه-: " كانت الرؤى -وما زالت- ذاتَ تأثير لا على الأفراد العاديين فحسب، بل على النابغين والأذكياء، وكم أقَضَّت الرُّؤَى مضاجِعَ الجبابرة والملوك، وكم شغلت شعبًا بأكمله يَوْمًا مَا، وما رؤيا ملك مصر في عهد يوسف ببعيدة عن ذاكرتنا، فقد رأى سبع بَقَرَاتٍ سمانٍ يأكلهن سبع عجاف، وسبعَ سنبلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابساتٍ، وكانت رؤيا حق، نفعت الناس نفعًا عظيمًا، عندما وُجِدَ الشخصُ الذي يُحسن تفسيرها، وتأويلها" (?).
قال ابن منظور -رحمه اللَّه-: "والرؤيا والحُلْم (?) عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، ولكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح" (?).