البصريون إلى أنها بسيطة غير مركبة، ووافقهم الأنباري، ورد قول الكوفيين بقوله: هذا مجرد دعوى من غير دليل.
الثالث: تركيب "إلَّا":
فقد زعم الفراء أن "إلَّا" مركبة من "إنَّ" و"لا" ثم خففت "إنَّ" وركبت مع "لا"، وقد رد الأنباري هذا الرأي بقوله: وأما قول الفراء فمجرد دعوى يفتقر إلى دليل، ولا يمكن الوقوف عليه إلا بوحي وتنزيل، وليس إلى ذلك سبيل ... انتهى.
ومما سبق يتبين أن عدم الدليل يكون وسيلة من وسائل الرد على من يزعم تركيب بعض الأدوات، وكما كان من النحاة استدلال بعدم الدليل على بساطة بعض الأدوات؛ كان منهم استدلال به أيضًا على معانيها؛ ومن ذلك: ما ذهب الكوفيون إليه من أن اللام الداخلة على خبر "إنْ" المكسورة الهمزة المخففة من الثقيلة تكون بمعنى "إلَّا"؛ فقولنا: إنْ زيدٌ لقائم، وإن كان زيدٌ لقائمًا، وما أشبه ذلك، معناه: ما زيدٌ إلا قائمٌ، وما كان زيد إلا قائمًا، فـ"إنْ" نافية بمعنى "ما"، واللام بمعنى "إلَّا" وأنكر البصريون ذلك، وقالوا: إن هذه اللام تسمى لام الإيجاب ولام الفصل؛ لأن قولنا: إنْ زيدٌ لقائمٌ، معناه: إنَّ زيدًا لقائمٌ؛ فلما خففت "إنَّ" بطل عملها ورُفع ما بعدها بالابتداء والخبر ولزمتها اللام في الخبر؛ لئلا تلتبس بـ"إنْ" النافية التي بمعنى "ما".
وخلاصة ما سبق: أن الاستدلال بعدم الدليل في الشيء على نفسه مما استعمله النحويون كثيرًا في استدلالهم وإن كثر أن يكون استعمال هذا الدليل في مواضع الجدل والرد على المخالفين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.