كلمة "الآن" هي أن هذه الكلمة منقولة عن الفعل الماضي "آنَ"؛ فبقيت على بنائه استصحابًا للأصل.

قال الفراء: إن شئت جعلت الآن أصلها من قولك: آن لك أن تفعل، أدخلت عليها الألف واللام، ثم تركتها على مذهب فعَل؛ فأتاها النصب من نصب "فعَل" وهو وجه جيد؛ كما قالوا: ((نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قيل وقال، وكثرة السؤال)).

وكلام الفراء يشير إلى أن علة البناء في كلمة "الآن" هي استصحاب أصلها، وأصلها هو الفعل الماضي "آنَ"؛ ولم يرتضِ السيوطي استصحاب الأصل دليلًا في هذه المسألة؛ فرد كلام الفراء بقوله: ورد بأنه لو كان كذلك لم تدخل عليه "أل"؛ كما لا تدخل على ((قيل وقال)) ولجاز فيه الإعراب كما جاز في ((قيل وقال)) ... انتهى.

وقوله: لجاز فيه الإعراب كما جاز في ((قيل وقال))، معناه: أن ((قيل وقال)) يجوز فيهما أن يقال: ((نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قيلٍ وقالٍ)) بالجر، ولا يجوز الإعراب في "الآن"؛ فدل ذلك على أنه ليس مبنيًّا لاستصحاب حال البناء.

وإذا كان الأنباري يرى أن الاستصحاب من أصول النحو الغالبة ومن الأدلة المعتبرة؛ فما مكانة هذا الدليل بين الأدلة الأخرى عند الأنباري؟

لقد أجاب الأنباري عن هذا السؤال مرتين في كتابه (لمع الأدلة):

المرة الأولى: عندما ذكر أصول النحو؛ فقال: أقسام أدلته الثلاثة: نقل، وقياس، واستصحاب حال، ومراتبها كذلك؛ فدل كلامه على أن الاستصحاب يقع في مرتبة متأخرة عن مرتبتي: السماع، والقياس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015