ولم يذكر الرضي شاهدًا واحدًا على دخول "ليتما" على الجملة الفعلية؛ بل قال أبو حيان في (ارتشاف الضرب): "وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز كف "ما" لـ"ليت" ولا لـ"لعل"؛ بل يجب إعمالهما؛ فتقول: ليتما زيدًا قائم، ولعلما بكرًا قادم". انتهى.

قال ابن عصفور في (شرح الجمل): "وأما الفراء؛ فزعم أن "ليت" قوي شبهها بالفعل؛ لكونها على مثال من أمثلة الفعل؛ ألا ترى أنها على وزن علْم المخفف من علِم". انتهى.

وإنما كان لـ"ليتما" هذه المكانة مع ما ذكره ابن جني أنَّ أخواتها ورد في فصيح الكلام: وهو القرآن الكريم وبعده كلام العرب، ورد زوال اختصاصها بالدخول على الجمل الاسمية، ودخلت في هذا الكلام الفصيح على الجمل الفعلية؛ قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 38) وقال سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} (المؤمنون: 115) وقال عز من قائل: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} (الأنفال: 6) وقال امرؤ القيس:

ولكنما أسعى لمجدٍ مؤثَّل ... وقد يدرك المجدَ المؤثَّلَ أمثالي

فأولى "لكنما" الفعل، والمجد المؤثل: هو المجد الثابت الموطد، وقال الفرزدق:

أعد نظرًا يا عبد قيس لعلما ... أضاءت لك النارُ الحمارَ المقيَّدا

فأولى "لعلما" الفعل.

قال ابن عصفور في المصدر السابق بعد إيراده الشواهد القرآنية والشعرية السابقة التي زال فيها من الأحرف الخمسة المذكورة اختصاصها: "وأما "ليتما"؛ فلم تولها العرب الفعل قط؛ لا يحفظ من كلامهم: ليتما يقوم زيد". انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015