انجزم، مما يتجاذبه الخلاف في علله؛ فكل واحد من هذه الأشياء له حكم واحد تتنازعه العلل. انتهى.

والثاني من ضربي تعارض العلل: كإعمال أهل الحجاز "ما" النافية تشبيهًا لها بـ"ليس"، أي لكونها مثلها لنفي الحال عند الإطلاق، وترك بني تميم إعمالها وإجرائهم إياها مجرى "هل" ونحوها مما لا يعمل؛ فكأن أهل الحجاز لما رأوها داخلة على المبتدأ والخبر دخول "ليس" عليهما ونافية للحال نفيها إياها؛ أجروها في الرفع والنصب مجراها، وكأن بني تميم لما رأوها حرفًا داخلًا بمعناه -يعني: لمجرد إفادة معنى النفي- على الجملة المستقلة بنفسها، ومباشرة لكل واحد من جزئيها؛ كقولك: ما زيد أخوك، وما قام زيد، أجروها مجرى "هل"؛ ألا تراها داخلة على الجملة لمعنى النفي دخول "هل عليها" للاستفهام؟! ولذلك كانت عند سيبويه لغة التميميين أقوى قياسًا من لغة الحجازيين. انتهى.

وابن جني يشير بذلك إلى قول سيبويه في (الكتاب): "هذا باب ما أجري مجرى ليس في بعض المواضع بلغة أهل الحجاز، ثم يصير إلى أصله: وذلك الحرف: "ما": تقول: ما عبدُ الله أخاك وما زيدٌ منطلقًا؛ وأما بنو تميم فيجرونها مجرى "أما" و"هل"، أي: لا يعملونها في شيء؛ وهو القياس لأنه ليس بفعل وليس "ما" كـ"ليس" ولا يكون فيها إضمار". انتهى.

يعني سيبويه: أن القياس في "ما" ألا تعمل؛ لعدم اختصاصها لأنها تدخل على الأسماء والأفعال؛ فشأنها شأن سائر الحروف غير المختصة؛ كـ"هل" و"إنما" وهمزة الاستفهام، وهي حرف؛ أما "ليس"؛ ففعل على الصحيح؛ فلا يكون فيها إضمار كـ"ليس"؛ أما "ليس"؛ فيضمر فيها، تقول: لست ولسنا وليسوا ... إلخ؛ فمذهب التميميين فيها أقوى من مذهب أهل الحجاز الذين أعملوها حملًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015