أي: الذي شرب الزرجون، وهي الخمر؛ فاشتق المزرج من الزرجون، وهي كلمة أعجمية، وكان قياسه كما في (الخصائص): كالمزرجن؛ من حيث كانت النون في زرجون قياسها أن تكون أصلًا؛ إذ كانت بمنزلة السين من قربوسٍ؛ ولكن العرب إذا اشتقت من الأعجمي خلَّطت فيه.
ووجه الاستدلال بهذه الأمور الثلاثة التي سبق ذكرها: أن العرب قد أعربت غير العربي وأجرته مجرى الكلام العربي واشتقت منه؛ فدل ذلك كله على أن المقيس على كلام العرب يجوز وصفه بأنه من كلامهم، وقد قال أبو علي: لو شاء شاعر أو ساجع أو متسع أن يبني بإلحاق اللام اسمًا وفعلًا وصفةً؛ لجاز له ولكان ذلك من كلام العرب، وذلك نحو قولك: خرْجج أكرم من دخْلل، وضرْبب زيد عمرًا، ومررت برجل ضرْبب وكرْمم، ونحو ذلك. انتهى.
ومعنى هذا الكلام: أنه يجوز للمتكلم أن يصوغ أبنية بإلحاق اللام في آخر الكلمة، ومعنى الإلحاق ذكره ابن جني في (المنصف) فقال: "الإلحاق إنما هو: زيادة في الكلمة تبلغ بها زنة الملحق به؛ لضرب من التوسع في اللغة"، وقال في (المنصف) أيضًا: "لو اضطر شاعر الآن لجاز أن يبني من ضرب اسمًا وصفة وفعلًا وما شاء من ذلك فيقول: ضرْبب زيدٌ عمرًا، ومررت برجل ضرْبب، وضرْبب أفضل من خرْجج". انتهى.
وقال الرضي في شرحه على (الشافية): "ومعنى الإلحاق في الاسم والفعل: أن تزيد حرفًا أو حرفين على تركيب زيادة غير مطردة في إفادة معنى؛ ليصير ذلك التركيب بتلك الزيادة، مثل كلمة أخرى في عدد الحروف وحركاتها المعينة والسكنات، كل واحد في مثل مكانه في الملحق بها، وفي تصاريفها من الماضي والمضارع والأمر والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول إن كان الملحق به فعلًا