والثاني: أن يكون الكلام خارجًا عن حدِّ القلة إلى حدِّ الكثرة.

ولم يذكر السيوطي هذا الشرط الأخير، وإنما عرف السماع: بأنه كلام من يُوثق بفصاحته، ولعل الذي دفع الأنباري إلى وضع هذا الشرط أنه كان معنيًّا بمسألة القياس، وهو يرى أنه لا يجوز القياس على الشاذ والقليل؛ فالشاذ لا يجوز القياس عليه في نحو: الجزم بـ"لن" في قول كثير عزة:

أيادي سبا يا عزة ما كنت بعدكم ... فلن يَحْل للعينين بعدك منظر

فجزم الفعل الفعل المضارع "يحلى" بـ"لن"، ومثله قول الآخر:

لَنْ يخِبِ الآنَ مِنْ رَجَائكَ مَنْ ... حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الحَلَقَه

فجزم الفعل المضارع بـ"لن"، ونظير ذلك النصب بـ"لم" في قول الراجز:

في أي يومي من الموت أفر ... أيوم لم يُقْدر أم يوم قُدِر؟

فنصب الفعل المضارع بـ"لم".

والشرط الثالث: أن يكون الكلام الفصيح منقولًا نقلًا صحيحًا، وقد عقد الأنباري في (لمع الأدلة) عدَّة فصول لخصها السيوطي في (الاقتراح)، ولنوجزها هنا في أربعة نقاط، وهي:

النقطة الأولى: أقسام النقل، وحكم كل قسم، وما يُشترط فيه:

ذكر الأنباري أن النقل ينقسم إلى تواتر وآحاد:

فالقسم الأول وهو: التواتر، والمراد به لغة القرآن الكريم، أي: ما عدا القراءات الشاذة؛ إذ القراءات الشاذة لا خلاف في أنها روايات آحاد، وليست متواترة، والمراد بالتواتر أيضًا: ما تواتر من السنة وكلام العرب، وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يُفيد العلم عند جمهور العلماء، وقد اشترط الأنباري للتواتر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015