والرابع: أن يكون "الطيب" اسم ليس، و"المسك" مبتدأً، وخبره محذوف، والتقدير: ليس الطيب إلا المسك أفخره، والجملة في موضع خبر ليس.

وهذه التأويلات كلها مردودة والذي يردُّها ويبطلها ما نقله أبو عمرو بن العلاء، من أن الرفع لغة لقوم من العرب، إذ قال: "ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب، ولا تميمي إلا وهو يرفع، فما جاء لغةً لبعض العرب كان التأويل فيه غير مستساغ".

الاحتمالُ يسقط الاستدلال

إن الدليل هو ما يُستدلُّ به على إثبات قاعدة ما، والمراد به هنا الشواهد السماعية التي يذكرها النحاة دليلًا على صحة القواعد التي يقعدونها، والمذاهب التي ينتمون إليها.

وقد حرص النحاة على أن يذكروا لكل قاعدة دليلًا من الكلام الفصيح؛ تأييدًا لها، ويُشترط في الشاهد شروط متعددة؛ منها:

أن يكون البيت معلومَ القائل أو مرويًّا عن ثقة كسيبويه، وأن يكون قائله من الذين يُحتج بكلامهم، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.

ومنها: أن يكون البيت نصًّا في القاعدة لا يحتمل وجهًا آخرَ، فإن احتمل البيت وجهًا آخر كان الاستدلال به ساقطًا. وقد نقل السيوطي عن أبي حيان قوله: "إذا دخل الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال". والمعنى: أن النحوي إذا استدلَّ بشاهد ما على قاعدة ما نُظر في هذا الشاهد، فإن كان لا يحتمل إلا الوجهَ الذي من أجله ساقه هذا النحوي؛ كان دليلًا مقبولًا يصح الاستشهاد به، وإن كان يحتمل الوجه الذي من أجله ساقه النحوي ويحتمل غيره؛ كان الاستدلال به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015