ومن الأمثلة الدالة على هذا الأمر:

ما جاء في لغة المطابقة بين الفعل والفاعل إفرادًا وتثنيةً وجمعًا، فمن المعروف أن اللغة الشائعة عند العرب هي إفراد الفعل دائمًا حتى ولو كان الفاعل مثنًى أو مجموعًا، وهي اللغة العالية التي نزل بها القرآن قال تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ} (المائدة: 23)، وقال سبحانه: {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} (الإسراء: 99)، ونقل العلماء عن طائفة من العرب أنهم يطابقون بين الفعل وفاعله في العدد، فيثنُّون الفعل إذا كان الفاعل مثنًى، ويجمعون الفعل إذا كان الفاعل جمعًا، ونُسبت هذه اللغة إلى طيئ وأزدشنوءة وغيرهما، فيقولون: ضرباني أخواك، وضربوني قومك.

وقد ذكر العلماء في تخريج ما جاء على هذه اللغة ثلاثة أقول؛ وهي:

أن تكون الألف علامة للتثنية والواو علامة للجمع، فهما حرفان، ويكون الاسم الظاهر بعدهما هو الفاعل.

والقول الثاني: أن تكون الألف فاعلًا وكذلك الواو، والاسم الظاهر بعدهما يُعرب بدلًا منهما.

والثالث: أن تكون الألف فاعلًا وكذلك الواو، والجملة خبرًا مقدمًا، والاسم الظاهر بعدهما يكون مبتدأً مؤخرًا.

فالتخريج الأول لا تأويل فيه، والتخريجان الأخيران فيهما تأويل.

وقد وصف ابن مالك في (شرح التسهيل) تأويل ما جاء على هذه اللغة بأنه غير ممتنع إن كان من سُمع ذلك منه من أهل غير اللغة المذكورة، فإن ورد شيء من هذه اللغة على ألسنة الناطقين بها؛ لم يجز تأويله، بل تكون الألف علامةَ تثنية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015