كُلف من عنائه وشقوته ... بنت ثماني عشرة من حجته
وموضع الشاهد قوله: "بنت ثماني عشرة"؛ حيث أضاف الشاعر لفظ النيف وهو "ثماني" إلى العشرة، فلم يجد الأنباري في هذا البيت حجة للكوفيين؛ فقال في (الإنصاف): "أما ما أنشدوه -أي: الكوفيون- فلا يُعرف قائله، ولا يُؤخذ به"، ومما ردَّه لعدم العلم بقائله أيضًا ما جاء في مسألة توكيد النكرة توكيدًا معنويًّا؛ إذ ذهب الكوفيون إلى جوازه مستدلين بعدة أبيات من الشعر، منها قول الراجز:
قد صرتِ البكرةُ يوما أجمعا
فأكد يومًا بأجمع، فاستدلَّ الكوفيون به على جوازه، وردَّه الأنباري بقوله في (الإنصاف): "هذا البيت مجهول لا يعرف قائله فلا يجوز الاحتجاج به".
ومن ذلك أيضًا: ما جاء في مسألة إظهار أن المصدرية بعد كي، فقد ذهب الكوفيون إلى جوازه محتجين بقول الشاعر:
أردت لكيما أن تطير بقربتي ... فتتركها شنًّا ببيداء بلقع
فقد ظهرت أن المصدرية بعد كي، وردَّه الأنباري بقوله في (الإنصاف): "هذا البيت غير معروف، ولا يُعرف قائله؛ فلا يكون فيه حجة". ومما ردَّه لعدم العلم بقائله كذلك ما جاء في مسألة مد المقصور في الشعر، فلقد ذهب الكوفيون إلى جوازه مستدلين بقول الراجز:
قد علمت أم أبي السعلاء ... وعلمت ذاك مع الجراء
أن نعم مأكولًا على الخواء ... يا لك من تمر ومن شيشاء
ينشب في المسعل واللهاء ... .......................
والسعلاء -بكسر السين وسكون العين- أصله: السعلاة، والخواء واللهاء كلها مقصورة في الأصل؛ إنما مُدَّت لضرورة الشعر؛ فجاز عند الكوفيين لذلك مد