نفسِه وسكونِ أنفُسِ المقلِّدين من النصارى إلى ما يقولُه القُسسُ والرهبانُ؟!
وقد خالف بعضُ العلماءِ في إيجاب النظرِ على الجميعِ، ظناً منهم أن المطلوبَ الاستدلالُ على طريقة المتكلمين، وهذا ليس مراداً عند المحقِّقين، وإنْ كان هناك مَن ظنّ أنه مرادٌ، حتى قال: مَن لم يعرفْ دليلَ التمانُع فلا يصحُّ إيمانُه!
والصحيحُ: وجوبُ النظرِ على القادرِ على ذلك، حتى لا يهتزَّ إيمانُه لأدنى شبهةٍ؛ لأن القادرَ على النظر إذا تركه كان مفرِّطاً في المحافظة على عقيدته من الزيغ والضلالة.
وليس المقصودُ المعرفةَ بدفع جميع الشُّبه في مجال الاعتقاد، وإنما المقصودُ النظرُ الدالُّ على وجود الله، ووحدانيته، واستحقاقِه للعبادة، وصدقِ الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما بقيةُ مسائلِ الاعتقادِ فيكفي فيها التقليدُ كمسائل الفروع الآتي ذكرُها.
ظن البعضُ أن ثمرةَ الخلاف أن مَن أوجب النظرَ لا يُصحّحُ إيمانُ مَن لم ينظرْ، ونقلوا عن أبي الحسن الأشعري عدمَ صحّة إيمانِ العوامِّ.
وهذا النقلُ لا يصحُّ. والبناءُ المذكورُ لا يصحُّ أيضاً.
وثمرةُ الخلافِ تظهرُ في أن مَن أوجبَ النظرَ في تلك المسائل يحكمُ بتأثيم مَن تركه مع قدرته عليه، أما مع العجز عنه فلا. ولا يعدُّه شرطاً لصحّة الإيمان، بل الإيمانَ صحيحٌ إذا لم يخالطْه شكٌّ، وإن لم يعرفْ ما يدلُّ عليه بالنظر.