أين قاله (?).
أو: أخذُ مذهب الغير بلا معرفةِ دليله (?).
وقد ذهب إلى هذا جماعة من العلماء، منهم: القفالُ الشاشيُّ، والمرداويُّ، وابنُ النجار.
ومن الذين عبروا باللفظ الأول مَن قصد هذا المعنى، ولكنه ظن أن عبارته تفيده كابن قدامة رحمه الله، فإنه في أثناء كلامه أوضح أن مرادَه المعنى الذي ذكره الفريقُ الثاني.
ولو وازنا بين التعريفين لاخترنا تعريفَ الفريقِ الثاني، ولكن يرد عليه اعتراضٌ لا بدَّ من الاحتراز عنه. وهو: هل يخرج الإنسانُ من مرتبة التقليد إذا عَرف دليلَ المسألة، وإنْ لم يكنْ قادراً على دفع الشُّبَه عن الدليل والجواب عن أدلة القول الآخر؟
فالظاهر من حال أكثر الأصوليين والفقهاء أنهم لا يُخرجونه عن مرتبة التقليد بمجرَّد معرفة الدليل. ولهذا يجب أن يزيدوا قيداً فيقولوا: «أخذ مذهب الغير من غير معرفة رجحان دليله»، حتى يصدُقَ اسمُ المقلِِّد على مَن لا يعرفُ رجحانَ الدليل، وإن عرف الدليل.
وهذه الزيادة لا بدَّ منها لمن لا يرى واسطةً بين الاجتهاد والتقليد.
وأما مَن جعل مرتبةَ الاتّباع واسطةً بين الاجتهاد والتقليد فلا تلزمهُ هذه الزيادةُ؛ لأنه ربما جعل مَن يعرف الدليلَ متّبعاً وليس مقلِّداً، كما قال ذلك ابنُ حزم، وغيره.