قد يتغيّرُ عند الله جل وعلا بلا نسخٍ.
وحملوا ما يذكرُه العلماءُ من الأمثلة على تغيُّر الأحكام لتغيُّر الأزمان أو الأحوال على أن الحكمَ الشرعيَّ لم يتغيّرْ، وإنما تخلّف تعلُّقُه بالصورة المشابهة في الظاهر للصورة السابقة لعدم تحقُّق المناط، حيث كان موجوداً في الصورة السابقة وغيرَ موجودٍ في الصورة اللاحقة.
وهذا نظيرُ حكم النفقة للزوجة، فقد كان يُقدَّرُ بشيءٍ يسيرٍ من الطعام واللباس؛ لتعارُف الناس عليه، وفي هذا الوقت لم يعُدْ كافياً، وكذلك السُّكنى، فإن الشرعَ لم يُحدّدْ نوعَ البيت الذي يجبُ أنْ يُوفِّرَه الزوجُ للزوجة، وإنما تُرك ذلك للعُرف، ولقدرة الزوج ويُسره أو عُسره. فهذا الحكمُ لم يتغيّرْ، ولكنه جاء في صورة قاعدةٍ عامّةٍ، يُترَكُ تطبيقُها للقُضاة عند التخاصُم، والمعتمدُ في تحديدها عرفُ أهل البلد وعاداتُهم.
ولهذا فقد يكونُ البيتُ الشرعيُّ في عصرٍ أو بلدٍ غرفةً واحدةً.
وفي بلدٍ آخَرَ مكوناً مما لا يقلُّ عن أربع غرفٍ مع مرافقها.
وكذلك إنكار المنكر يكون واجبا حين يغلب على الظن زواله بالإنكار، ويحرم حين يغلب على الظن أن إنكاره يؤدي إلى منكر أعظم منه (?).
ومع ذلك لا يُقالُ الحكمُ تغير، إلا بشيءٍ من التسامح في العبارة.
ولذا فإن القاعدةَ بحاجةٍ إلى ضبطٍ حتى لا يُفهمَ منها نسخُ الأحكام المنصوصةِ التي لا مدخلَ للعرف والعادة في تحديدها، مع وجود أسبابها.
ونص القاعدة - كما ذكرها ابن القيم - ليس فيه إلا عدمُ الإنكار على مَن