ومثّلوه بتقديم رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - في نقض الوضوء بمسِّ الذكر (أخرجه أحمد)، على رواية طلْق - رضي الله عنه - في عدم نقضه (أخرجه الخمسة).
ونازع في ذلك الآمديُّ، وصحّح العكس. واشترط بعضُهم أنْ يكونَ إسلامُ المتأخِّر بعدَ موت المتقدِّم؛ لنجزمَ بتأخُّر سماعِ المتأخِّر من الرسول صلى الله عليه وسلم.
فيُقدَّمُ الأقوى في الحفظ والضبط على مَن دونه، وهذا يُعرفُ بالتجربة والتتبُّعِ لمرويّاته وسيرته. ومثّله إمامُ الحرمين بتقديم رواية عبيد الله بن عمر بن عبد العزيز على رواية أخيه عبد الله؛ لأن الشافعيَّ قال: «بينهما فضلُ ما بين الدرهم والدينار».
وقال بعضهم: المُرسَلُ إذا كان عن ثقةٍ لا يُرسلُ إلاّ عن ثقات مثل المسنَد أو أولى منه؛ لما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: «إذا قلتُ لكم: قال ابن مسعود فقد سمعته من كثيرٍ من أصحابه، وإذا قلت: حدّثني فلانٌ فهو الذي حدّثني» (أخرجه الدارقطني في سننه).
وله طرقٌ، أهمها:
وهذا مذهب جمهور الأصوليين من المذاهب الثلاثة. وعند الحنفية: أنهما سواءٌ، وهو روايةٌ عن الإمام أحمدَ.
وعلى ذلك: فإذا عُرف المتأخِّرُ فهو ناسخٌ للمتقدِّم في القدر الذي اشتركا فيه، وإنْ جُهل التاريخُ توقَّف العملُ على عمل الصحابة بأيِّهما كان.