أصول الفقه طرق دلالة الألفاظ على المعاني من عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد، واشتراك وإجمال، ومنطوق ومفهوم، وحقيقة ومجاز، وهذه كلها إنما يتبع فيها ما جرى عليه عرف أهل اللغة الذين نزل القرآن بلغتهم وتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم بها، إلا أن يكون للشرع عرف حادث فيقدم عند الاحتمال.
وفي هذا يقول إمام الحرمين: «ومن مواد أصول الفقه العربية؛ فإنه يتعلق طرف صالح منه بالكلام على مقتضى الألفاظ، ولن يكون المرء على ثقة من هذا الطرف حتى يكون محققا مستقلا باللغة العربية» (?).
4 ـ الفقه:
وجَعْل الفقه مما يستمد منه أصول الفقه مشكل؛ من جهة أن الفقه كما عرفوه هو: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية» فلو كان الأصول مستمدا من الفقه لما عرف إلا بعد معرفة الفقه، والحال أن الفقه لا يعرف إلا بعد معرفة الأصول فيكون دوراً ممتنعاً.
وعدل الآمدي وغيره إلى الاستعاضة عن الفقه بالأحكام الشرعية، وأوضح أن المقصود تصوُّر تلك الأحكام ومعرفة حقائقها حتى يتصور إثباتها أو نفيها، ولا يقصد معرفة وجودها أو نفيها في آحاد المسائل؛ فإن هذا لا يعرف إلا بمعرفة أصول الفقه.
ومراد من عبر بالفقه: أن أصول الفقه يحتاج في إدراكه إلى إدراك أمثلة من الفقه يمثل بها لتتضح القواعد الأصولية، فالأصولي حين يتكلم عن طرق الدلالة يحتاج إلى ضرب أمثلة فقهية توضح مقصده، وإلا كان كلامه نظريا يصعب استيعابه وفهمه، كما أنه لا بد له من معرفة معنى الأحكام الفقهية