الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما ترك من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين.
ثم أما بعد: ففي علم أصول الفقه سأتحدث عن موضوعات ترتبط بعلمين: علم أصول الفقه، وعلم علوم القرآن، وهي المطلق والمقيد، والمنطوق والمفهوم، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، هذه الموضوعات الأربعة من أهم الموضوعات، وهذه الموضوعات سنتحدث عنها ثم نلخصها بإذن الله عز وجل.
وقبل أن نبدأ في الدرس هناك أمور تحتاج إلى تعليق منا، فهناك حملة إعلامية الآن خاصة بالنساء يكتب على الشاشة: لا لختان الإناث، لا للزواج المبكر، ونقول: نعم لختان الإناث، ونعم للزواج المبكر، وهذه الحرب على الزواج المبكر، والتي يراد منها تأخير سن الزواج المقصود منها: انتشار الفاحشة، والدعوة إلى عدم ختان الإناث الهدف منها غير معلن، لكننا نفهم هذا الهدف، وختان الإناث أمر قرر شرعاً عند فقهاء الأمة جميعاً، حتى قال الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر في رسالة أصدرها كملحق لمجلة الأزهر: لو اجتمع أهل بلد على عدم ختان الإناث وجب على ولي الأمر أن يقاتلهم، وهذا رأي الأحناف، والمسألة ليس في شرعيتها خلاف، إنما الخلاف بين الفقهاء في: هل هو واجب على النساء أم مكرمة يعني سنة؟ ولم يقل أحد من فقهاء الأمة: إنه غير مشروع، والذين قالوا: إن بنات النبي صلى الله عليه وسلم لم يختتن كاذبون في دعواهم، ففي الأدب المفرد عند البخاري: أن أم المهاجر أسلمت على كبر سنها ومعها بعض النسوة فأمر بهن عثمان فاغتسلن واختتن، فاختتن بعد سن متقدمة، وعند البخاري في الصحيح في كتاب الغسل: باب إذا التقى الختانان، يعني: ختان الرجل، وختان الأنثى، فالمرأة تختتن بدون أدنى شك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: وكان الرجل يعير قديماً إن لم تكن أمه مختونة فيقال له: يا ابن القلفاء، أي: أمك ليست مختونة، فهي تتطلع إلى الرجال أكثر من غيرها، فكان عار بين الرجال في المجتمعات ألا تختتن المرأة، فننادي بأعلى صوتنا: يا قلفاء اختتني، ولا تستجيبي لهذه الحملة المسعورة مدفوعة الأجر؛ لأجل أن تشيع الفاحشة في مجتمع المسلمين.