بِاعْتِبَارِهِ وَكَذَلِكَ من فَاتَتْهُ الْجُمُعَة لم يقضها بعد مُضِيّ الْوَقْت لِأَن إِقَامَة الْخطْبَة مقَام رَكْعَتَيْنِ غير مَشْرُوع للْعَبد فِي غير ذَلِك الْوَقْت فبمضي الْوَقْت يتَحَقَّق الْعَجز فِيهِ وَتلْزَمهُ صَلَاة الظّهْر لِأَن مثله مَشْرُوع للْعَبد بعد مُضِيّ الْوَقْت
وَمن نصر القَوْل الأول اسْتدلَّ بِمَا ذكره مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الْجَامِع أَن من نذر أَن يعْتَكف شهر رَمَضَان فصَام وَلم يعْتَكف ثمَّ قضى اعْتِكَافه فِي الرمضان الثَّانِي لَا يجْزِيه عَن الْمَنْذُور وَلَو كَانَ وجوب الْقَضَاء بِمَا وَجب بِهِ الْأَدَاء وَهُوَ الْأَمر بِالْوَفَاءِ بِالنذرِ لجَاز لِأَن الثَّانِي مثل الأول فِي كَون الصَّوْم مَشْرُوعا فِيهِ مُسْتَحقّا عَلَيْهِ وَصِحَّة أَدَاء الِاعْتِكَاف بِهِ فَعرفنَا أَنه إِنَّمَا لم يجز لِأَن وجوب الْقَضَاء بِدَلِيل آخر وَهُوَ تَفْوِيت الْوَاجِب فِي الْوَقْت عِنْد مضيه على وَجه هُوَ مَقْدُور فِيهِ وَهَذَا السَّبَب يُوجب الِاعْتِكَاف دينا فِي ذمَّته فيلتحق باعتكاف يجب بِالنذرِ مُطلقًا عَن الْوَقْت فَلَا يتَأَدَّى بالاعتكاف فِي رَمَضَان
وَلَكنَّا نقُول أصل النّذر أوجب عَلَيْهِ الِاعْتِكَاف ولوجوب الِاعْتِكَاف أثر فِي وجوب الصَّوْم بِاعْتِبَار أَنه شَرط فِيهِ وَشرط الشَّيْء تَابع لَهُ فموجب الأَصْل يكون مُوجبا لتَبعه إِلَّا أَنه امْتنع وجوب الصَّوْم بِهِ لعَارض على شرف الزَّوَال وَهُوَ اتِّصَاله بِوَقْت لَا يجوز أَن يجب الصَّوْم فِيهِ بِإِيجَاب من العَبْد فبمضي الْوَقْت قبل أَن يعْتَكف زَالَ هَذَا الِاتِّصَال وَتحقّق وجوب الصَّوْم لوُجُوب الِاعْتِكَاف فِي ذمَّته ثمَّ الصَّوْم الْوَاجِب فِي الذِّمَّة لَا يتَأَدَّى بِصَوْم رَمَضَان وَإِنَّمَا لم يجب عَلَيْهِ الصَّوْم لاتصال حكم الْأَدَاء بِصَوْم رَمَضَان وَقد انْقَطع ذَلِك حِين صَامَ فِي الرمضان الأول وَلم يعْتَكف حَتَّى إِنَّه لَو لم يصم وَلم يعْتَكف ثمَّ اعْتكف فِي قَضَاء الصَّوْم خرج عَن عُهْدَة الْمَنْذُور لبَقَاء الِاتِّصَال حِين لم يصم فِي رَمَضَان وَإِن تحقق مُضِيّ الْوَقْت وَبِهَذَا تبين فَسَاد مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لِأَن وجوب الْقَضَاء لَو كَانَ بِدَلِيل آخر كَانَ سَببا آخر وَالنّذر بالاعتكاف مَا كَانَ مُتَّصِلا بِهِ فَلَا يتَأَدَّى بِاعْتِبَارِهِ كَمَا لَا يتَأَدَّى فِي الرمضان الثَّانِي وَإِن صَامَهُ يقرره أَن امْتنَاع وجوب الصَّوْم عَلَيْهِ بِالنذرِ لِمَعْنى شرف الْوَقْت الْمُضَاف إِلَيْهِ النّذر وَقد بَينا أَن شرف الْوَقْت يفوت بمضيه على وَجه لَا يُمكن تَدَارُكه فبفواته يَنْعَدِم مَا كَانَ مُتَعَلقا بِهِ وَهُوَ امْتنَاع