إلى أن قيض الله له الإمام الشعبي؛ فحثّه على الاشتغال بالعلم، كما حكى ذلك الإمام أبو حنيفة حيث قال:

"مررت يوما على الشعبي وهو جالس فدعاني وقال: إلى من تختلف؟ فقلت: أختلف إلى السوق، وسميت له أستاذي فقال: لم أعن الاختلاف إلى السوق، عنيت الاختلاف إلى العلماء فقلت له: أنا قليل الاختلاف إليهم فقال لي: لا تفعل وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء؛ فإني أرى فيك يقظة وحركة قال: فوقع في قلبي من قوله فتركت الاختلاف إلى السوق، وأخذت في العلم فنفعني الله بقوله" 1.

ويظهر أنه استمر في تجاراته بعد أن أخذ في طلب العلم وأقبل عليه، فهذا قيس بن الربيع 2 يحدث كما روى الخطيب في تاريخه 3: "أنه كان يبعثه بالبضائع إلى بغداد، فيشتري بها الأمتعة، ويحملها إلى الكوفة ويجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة فيشتري بها حوائج الأشياخ المحدثين وأقواتهم وكسواتهم وجميع حوائجهم، ثم يدفع باقي الأرباح من الدنانير إليهم ويقول: أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إلا الله فإني ما أعطيتكم من مالي شيئا، لكن من فضل الله عليّ فيكم، وهذه أرباح بضائعكم، فإنه هو والله مما يجريه الله على يدي مما في رزق الله حولٌ لغيره".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015