وتعالى، ويومئ إليه حديث: " كل مولود يولد على الفطرة " 1، على فطرة الإسلام. وإنما جاء الأنبياء عليهم السلام لبيان التوحيد وتبيان التفريد.
ولذا أطبقت كلمتهم، وأجمعت حجتهم على كلمة لا إله إلا الله، ولم يأمروا أهل ملتهم بأن يقولوا: الله موجود، بل قصدوا إظهار أن غيره ليس بمعبود؛ ردا لما توهموا وتخيلوا حيث قالوا: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} ، على أن التوحيد يفيد الوجود مع مزيد التأييد، ثم العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع الذي هو الأصل ... " 2.
ولكن لما وجد في عصر الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى من انتكست فطرته، وعميت بصيرته فشك في وجود الرب الخالق سبحانه وتعالى؛ ناقشهم الإمام واستدل على وجوده تعالى:
بدلالة الفطرة:
وهذه في مقدمة الدلالات على أن الله فطر الخلق على الإقرار به وبوحدانيته؛ فما من مولود إلا يولد على هذه الفطرة كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} "سورة الروم: الآية30".