المُكث لا على الاستعجال، وبذلك يكون قد وافق الأسلوب القرآني في التربية، فإن مما ذكره الله تعالى في القرآن قوله -عز وجل-: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} (الفرقان: 32) قال تعالى: {كَذَلِكَ} أي: نزلناه مفرقًا {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} (الفرقان: 32)، وقال: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (الإسراء: 106)، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للمتكلم في العلم من محدّث ومعلم وواعظ أن يتأمّل في توجيه ربه سبحانه، في تدبيره أمر الخلق وبعث الرسل إليهم، فكلما حدث موجب أو حصل موسم أتى بما يُناسب ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والمواعظ الموافقة لذلك.

فعلى الدُّعاة إلى الله -عز وجل- أن يبذلوا جهدهم في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وعليهم ألا يستعجلوا جني ثمار ما بذلوه من الجهد في الدعوة إلى الله عز وجل، فإن الله -تبارك وتعالى- أكثر على نبيه -صلى الله عليه وسلم- من الأمر بالصبر، والنهي عن الاستعجال قال الله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} (الأحقاف: 35)، فعليك أيها الداعية أن تغرس وتحرث، وأن تترك الإنبات لله -عز وجل-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (القصص: 56).

ضعف اليقين

ومن الآفات التي تُصيب الداعية فتُقعده عن دعوته: ضعف اليقين واليأس من الناس، واليأس من النصر إذا تأخّر النصر؛ لذلك كثر في القرآن الكريم أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصبر، وبيان أن العاقبة له كما كانت لإخوانه المرسلين من قبله قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} (هود: 49)، وقال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (الأحقاف: 35)، وقال: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015