هذا؛ وإن لإيتاء الزكاة فوائد طيبة تعود على المزكي بالخير في الدنيا وفي الآخرة: يقول العلامة السعدي -رحمه الله- في ذكر فوائد الزكاة: إنها أعظم شعائر الدين وأكبر براهين الإيمان، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والصدقة برهان)) أي: برهان على إيمان صاحبه ودينه، ومحبته لله -سبحانه وتعالى- حيث جاد لله بماله المحبوب للنفوس، ومنها أنها تُزكي وتنمي المعطي والمعطى، وتنمي المال الذي أخرجت منه، فليست فائدة الزكاة قاصرة على المزكي المعطي، بل إن فائدتها تشمل المزكي المعطي والفقر المُعطَى، أما تزكيتها للمعطي فإنها تزكي أخلاقه وتطهره من الشح والبخل والأخلاق الرذيلة، وتنمي أخلاقه فيتصف بأوصاف الكرماء المحسنين الشاكرين، فإن إيتاء الزكاة من أعظم الشكر لله.

والشكر دائمًا معه المزيد كما قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7)، والزكاة تنمي الأجر والثواب، فإن الزكاة والنفقة تضاعف أضعافًا كثيرة بحسب إيمان صاحبها وإخلاصه ونفعها ووقوعها موقعها، وهي تشرح الصدر وتفرح النفس، وتدفع عن العبد من البلايا والأسقام شيئًا كثيرًا، فكم جلبت من نعمة دينية ودنيوية، وكم دفعت من نقم ومكاره وأسقام، وكم خففت الآلام، وكم أزالت من عداوات وجلبت مودة وصدقات، وكم تسببت لأدعية مستجابة من قلوب صادقات، وهي أيضًا تنمي المال المخرج منه، فإنها تقيه الآفات وتحلّ فيه البركة الإلهية؛ ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما نقصت صدقة من مال)). لا، والله ما نقصت صدقة من مال، بل الصدقة تزيد المال، فقد قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ: 39).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015